بذكرى رحيله.. الأديب قنباز ابن حماة “أصمعي القرن العشرين”

دمشق-سانا

صادف العاشر من شهر آذار الجاري الذكرى العاشرة لرحيل الأديب الشاعر وليد قنباز الذي قال يوما “أنا حموي حتى النخاع الشوكي وأنا معني بتاريخ حماه وأعلامها وآثارها ونواعيرها وتراثها الشعبي والاجتماعي والفني”.

ويعتبر قنباز أحد كتاب حماه وعشاقها محبوباً منها ومحباً لها ..كان منفتح القلب ومنبسط المزاج في فترة حياته التي امتدت ما يقارب السبعين عاماً فضلا عن ثقافته الواسعة التي حمل لأجلها لقب أصمعي القرن العشرين .

وشاعرنا الذي ولد في حماة عام 1935 تلقى العلوم الابتدائية في مدرسة دار العلم والتربية بحماة وتابع دراسته الثانوية في ثانوية ابن رشد وابي الفداء وانتسب لجامعة دمشق وحصل على الإجازة والدبلوم من قسم اللغة العربية وآدابها وقصد الجزائر عضواً في البعثة التعليمية لتعريب التعليم وبعدها انتقل إلى هيئة الرقابة والتفتيش وأصبح رئيساً لفرعها في حماة كما عمل مدققاً لغوياً في إحدى دور النشر الخاصة للطباعة والنشر.

عرف عن قنباز أنه عني بشعر الطبيب الشاعر وجيه البارودي جمعا وطباعة وتعريفا فأصبح راوية البارودي وكأنهما تؤامان في الفكر والروح والوجدان والعلاقة التي جمعت بينهما امتدت نحو السبعة والثلاثين عاماً ومنذ بدايتها توثقت عرى الصداقة والأخوة بينهما وأصبح خليله ورفيقه ودارس شعره وناقده وراويته وكان يطلعه على كل ما ينظم ويجرى النقاش والجدل بينهما حتى أن البارودي قال في قصيدة صاغها في أواخر حياته:

“وليد راويتي أدرى بصحتها له مثالية في ذوقه الأدبي هذا ويحفظ أشعاري برمتها وفي المحافل إذا ما غبت لم أغب كهل ينافسني حقاً ومختلف عني بأني في حال من العطب”.

وعن موقفه من الثقافة السورية والعربية كان للأديب قنباز رؤية واضحة بأن لإصدارات وزارة الثقافة واتحاد الكتاب العرب الدور الأكبر في نشر الثقافة وكان مع تقدم القصة والرواية والأقصوصة ولكن في نظره للشعر الدور الأهم والأساس لكونه المعبر الأول بيد أنه رأى أن الفرق شاسع بين النثر والشعر ولا مجال للربط بينهما فلكل مجاله وعالمه وجنسه .

وحول التراث وعلاقته بالأدب الحديث كان يرى شاعرنا أننا نحتاج إلى الماضي لكي نبدع الحاضر ونستشف رؤى المستقبل فمن لا يعرف أبو نواس والمتنبي لا يستطيع أن يبدع ويتميز ولابد من قراءة الشعر العباسي والأندلسي والاطلاع على أدب الأقدمين فالإنسان يبلغ بنفسه قمة الخلود عن طريق تقديم ما هو رائع فيسكن بذاكرة الشعب بمختلف فئاته.1

بدوره الفنان التشكيلي ابن حماة نزار قطرميز تحدث لنشرة سانا الثقافية بمناسبة الذكرى السنوية لرحيل وليد قنباز قائلا ..

إنه قامة ثقافية وأدبية تفخر بها مدينة حماة فهو بحق ذاكرتها الثقافية والأدبية والتراثية وكان يمتلك ذاكرة قوية مكنته من الإلمام بالكثير من المعارف وتوثيقها حتى أن البعض شبهه بالديوان الحي لشاعر حماة الدكتور وجيه البارودي حيث كان يرافقه في حله وترحاله ويحفظ كل شعره.

يذكر أنه في صباح كل يوم اثنين كانت تصدر للكاتب زاوية تسمى “بصراحة” عبر جريدة الفداء اليومية فكانت مادتها صريحة كعنوانها سواء أكانت نقداً ادبياً أم اجتماعياً أم فنياً بالإضافة إلى ما تحويه من جديد وطريف ونوادر في التراجم والتاريخ والتراث والفلكلور الشعبي وكان للزاوية عشاقها وقراءها الذين ينتظرونها بشوق ومحبة.

وشعره من السهل الممتنع نظراً لما يفعله في صياغة نصه الشعري الذي يعنى بقوة اللفظة وسلامة اللغة إصافة إلى حضور الموسيقا بأنغام تتوافق مع الموضوع المتوازن منذ بداية انطلاقته إلى الأبيات الأخيرة التي قالها قبل رحيله:

“وحماه لؤلؤتي الفريدة كلما قلبتها في خاطرتي تتألق
هي جنة للناظرين فمن رأى قلب بأجمل جنة يتحرق
وهي الحبيبة والعشيقة ليس في أفق سواها رائع أو رونق”

لوليد قنباز دراسات متنوعة في النقد والأدب وله مجموعة من الدواوين الشعرية أهمها ديوان” من القلب” وديوان “الحبيبة” و”العشيقة”.

وعد جزدان