الشريط الإخباري

الدول الخليجية والحسابات الخاسرة!

يتداول قادة و مسؤولين وسياسيون وخبراء مقولة أن الجميع خاسرون من أي حرب بين إيران والولايات المتحدة وحلفائها في الخليج العربي وفي العموم يصح ذلك ولكن واقع الحسابات وتداعيات الحرب ومنعها من عدمه لا يمكن التعويل عليه في ظل زج واشنطن المزيد من القوات العسكرية في منطقة الخليج ومحيطها الإقليمي وتشديد الحصار على إيران اقتصادياً وبحرياً في ملعبها الحيوي.

الفهم العام لمصطلح الخسارة في الحروب يختلف من حيث النتائج فأي حرب تؤدي إلى خسائر بين طرفيها وفي الحرب العالمية الثانية عمت الخسائر بين الطرفين ولكن المنتصر فرض رؤيته التي ما زالت تحرك العالم برمته حتى اليوم وبالتأكيد إن أي دولة لا تسعى للحرب لمجرد خوضها بل لتحقيق النصر فيها .

وفي حال اشتعال الحرب في الخليج وبغض النظر عن المنتصر كان إيران أم الولايات المتحدة فالدول الخليجية خاصة والعربية عامة هي الخاسرة بكل الأحوال وفي حال انتصرت واشنطن سيكون ثمن فاتورة النصر كبيرة جدا على دول المنطقة وفي حال ربحت إيران ستكون هذه الدول في وضع لا تحسد عليه وفي حال أدت الحرب إلى اتفاق بين إيران والولايات المتحدة فالخاسر ستكون الدول الخليجية.

في أحدث تصريح سعودي أكد وزير الدولة للشؤون الخارجية عادل الجبير اشتراك بلاده مع الولايات المتحدة في أي حرب محتملة على إيران الأمر الذي يضع كل الخليج في هذه المواجهة و هنا يناقض الجبير نفسه عندما يربط وقوع الحرب من عدمه بتصرفات إيران لأن من لا يريد وقوع الحرب لا يبدي الاستعداد للمشاركة فيها .

وفق ما يروج له الإعلام السعودي عن الوضع الاقتصادي في إيران جراء الحصار الأميركي – الغربي يمكن القول إن طهران لن تخسر الكثير وإن الخسارة الكبرى ستتكبدها دول الخليج وفي مقدمتها السعودية والإمارات وانطلاقا من ذلك فإن على هذه الدول وبدلا من أن تروج للحرب وتعلن استعداها للمشاركة فيها إلى جانب الولايات المتحدة ضد إيران يجب أن تفعل بكل ما بوسعها لمنع وقوع الحرب والتفاعل مع المبادرات الإيرانية في هذا السياق منها توقيع معادة عدم الاعتداء بين الطرفين التي طرحتها طهران خلال الشهر الجاري .

قد يقول الكثيرون إن قرار دول الخليج المتحالفة مع واشنطن هو في يد الأخيرة وفي ذلك جانب كبير من الحقيقة ولكن ما يمكن أن تسفر عنه أي حرب تجاه هذه الدول يجب أن يدفعها في الاتجاه الذي يمنع وقوعها وليس الدخول في سجال التحدي وإعلان المشاركة فيها و الذي يفتح الباب لمزيد من التباعد بين طرفي الخليج .

في معايير الربح والخسارة ووفقا لتحليلات الخبراء العسكريين والاقتصاديين ستكون نتائج أي حرب على الدول الخليجية كارثية لدرجة لا توصف وخاصة في المجال الاقتصادي وإنه لا يمكن الوثوق بتطمينات الولايات المتحدة التي ستكون غير قادرة على منع تدمير الاقتصاد الخليجي برمته .

ومن جانب آخر لن تكون إيران بمنأى عن الخسائر الكبرى ولكن تمنحها الجغرافيا والطبيعة السكانية المرونة لاستيعاب نتائج أي حرب أكثر من الدول الخليجية التي يشكل الكادر البشري والعمالة الأجنبية مشكلة كبيرة في حال بدأت تغادر هذه الدول مع لحظة اشتعال الحرب.

إنه من المستغرب أن يدعو الجبير إيران إلى عدم الميل للحرب وفي ذات الوقت يقول إنه سيشارك في أي حرب للولايات المتحدة ضد طهران.

وكذلك الأمر من غير المفهوم أن يدعو الجبير إيران إلى عدم التدخل في شؤون دول المنطقة وفي ذات الوقت تشارك بلاده الولايات المتحدة في حربها وعقوباتها الاقتصادية عليها ومن ضمن ذلك منعها من تصدير نفطها إلى العالم .

إن قرار نشوب الحرب في الخليج العربي هو بيد واشنطن ولكن لا تملك قرار إنهائها ولا يمكن تفسير إعلان الجبير بوقوف بلاده إلى جانب واشنطن إلا تحريضا لمزيد من الضغوط على إيران وصولا إلى الحرب إذا لم ترضخ للضغوط الأميركية وفي ذلك مكمن الغباء وغياب القراءة الصحيحة للموقف السعودي الذي من الممكن أن يحول كل المنطقة إلى كرة نار.

اللاعبون في مياه الخليج العربي كثر وربما الشرارة الأولى تكون من عدو بعيد عن المنطقة جغرافيا ولكنه في صميم وجوهر التحفيز والتحريض على شن الحرب على إيران والمقصود هنا كيان الاحتلال الإسرائيلي فانسحاب واشنطن من الاتفاق النووي كان بضغط إسرائيل و سعي السعودية لتحويل وجهة العدو هو مسعى إسرائيلي.

بقلم: أحمد ضوا

 

انظر ايضاً

بغداد–دمشق المطلوب اقتران الإرادة بالعمل… بقلم: أحمد ضوا

حظيت مباحثات السيد الرئيس بشار الأسد مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني