الشريط الإخباري

نساء الغوطة الشرقية: تجاوزنا سنوات الخوف جراء الإرهاب

ريف دمشق-سانا

على مفرق طريق جرمانا دير العصافير جنوب الغوطة الشرقية تقف سلوى المصري بانتظار سيارة عابرة تقلها الى منزلها في نهاية يوم عمل طويل حيث أطفالها الثلاثة وحيدون ينتظرون عودتها.

في عام 2014 بعد أن انفصلت عن زوجها كان على سلوى 35 عاما ألا تكتفي بكونها أما تربي وتغسل الملابس وتطهو الطعام بل أن تكد خارج قريتها في معمل لتصنيع البهارات في مدينة جرمانا 10 كيلو مترات عن قريتها دير العصافير لتجني المال بعد أن أصبحت المعيل الوحيد لأطفالها جاسم أكبرهم 13 سنة وخالد 12 سنة ومهند أصغرهم 10 سنوات.

خمس سنوات من التعب في ظل ظروف الأزمة اكسبت سلوى القوة والجرأة كما تقول لمراسلة سانا بل وتمضي سلوى أبعد من ذلك بأن ما حصل في الغوطة الشرقية من انتشار التنظيمات الإرهابية وانفلاتها المسعور وما وقع من ظلم أشد على المرأة جعلها في جانب تستفيد مما حصل بأن أجبرتها على مواجهة الحياة بكل مرارتها.. وتقول: “المرأة بالغوطة صمدت وتحملت بعد أن أجبرت على تعلم مواجهة الحياة .. المرأة في الغوطة عانت كثيرا بسبب الإرهاب ذلا وإهانة وتهجيرا .. تبهدلت حتى استطاعت الوقوف على رجليها .. شخصيا عانيت الكثير إنما الوضع حاليا أفضل بعودة الأمان”.

رجعت سلوى مع أول العائدين إلى دير العصافير.. تملك غرفة هي منزلها الذي يؤويها وأطفالها “بعد خمس سنوات بالإجار في جرمانا مع ثلاثة أولاد وما يتطلبون من احتياجات ومدارس كان من الأفضل العودة إلى القرية بعد أن عاد إليها الأمان رغم إني اتكبد مشقة الذهاب إلى جرمانا .. حيث في الصباح تتوفر السرافيس أما بعد الظهر يندر وجودها .. انتظر ساعات في الطريق .. اركب بأي وسيلة نقل .. سيارة عادية.. مكشوفة.. جرار لأعود إلى المنزل”.

تستند سلوى في مواجهة الحياة والتغلب على مصاعبها إلى أختها الأكبر منها سنا تعمل مربية لطفلتين وتقيم بدمشق تقويها وتمدها ببعض المال تقول: “في هذا الزمن بعد أن اجتاحنا الإرهاب وظلام فكرهم لم يعد الناس يتعاطون مع بعضهم لا أحد يساعد حتى ولو برغيف أو ليرة”.

تشير لنا سلوى مرتدية بنطال جينز وبلوزة ربيعية مع إيشارب أبيض من الشارع الرئيسي في دير العصافير إلى دخلة تتجمع حولها منازل بعضها بطابقين في نهايتها غرفة وحيدة وتقول: “ذاك منزلنا هو غرفة نوم ومطبخ وحمام” يهرول طفلان بهيا الطلعة تسبقهما ابتساماتهما يلقيان براسيهما الصغيرين في حضنها.. يسألان ماما لماذا تأخرت… من تحت حجاب يغطي رأسها والجزء السفلي من وجهها تشع عينا اية عبيد وهي تتحدث بثقة بينما ترتب كمية من الأدوية في صيدلية حديثة في الشارع الرئيسي لبلدة سقبا.. الشابة التي تفيض حيوية تتجاوز المثل الشعبي وتحمل ليس بطيختين بيد واحدة وإنما ثلاث فهي أم لطفل تسع سنوات وتتابع دراستها اختصاص الصيدلة وتتدرب على العمل في الصيدلية تقول آية: “الأوضاع الصعبة التي عاشتها الغوطة أعطت المرأة شحنة من القوة والاعتماد على الذات والأهم أصبح الناس يدركون أهمية التعليم بنسبة أعلى من قبل للفتاة لأنهم اكتشفوا أن الشهادة حصانة لها وسلاحها الحقيقي”.

تضيف آية وقد اعترى صوتها مسحة من الحزن: “وقع ظلم كبير على المرأة لذلك التعليم وتحصيل الشهادة الدراسية مهم لمستقبلها حتى إذا ما استبعدنا حالات أخرى تجد المرأة نفسها وحيدة كما في حدوث الطلاق أو الترمل”.

وعن تأثير ما عاشته من تداعيات الإرهاب على المستوى الشخصي تقول آية: “صرت أكثر تصميما وإرادتي أقوى واحب المجازفة وتجريب كل شيء مستدركة بالتأكيد ما مر بنا كان صعبا لكن شخصيا لم أضعف ومع عودة الأمان أصبحنا أكثر تفاؤلا بأن المستقبل سيكون افضل وخاصة مع فتح مجالات كثيرة أمام المرأة لم تكن معهودة في السابق”.

كانت الشمس غابت عن الغوطة عندما خرجت سلمى درويش وزميلتها تهاني البشاش من بلدة كفر بطنا عائدتين إلى منزليهما في بلدة جسرين بعد تلقي حصص دراسية إضافية.

تقطع الفتاتان الصغيرتان مشيا على الأقدام أكثر من 2 كيلو متر من جسرين إلى كفر بطنا بشكل يومي باستثناء يوم عطلة لحضور دورة تعليمية بعد نهاية الدوام المدرسي بهدف تحقيق درجات أعلى في شهادة التعليم الأساسي.

سلمى التي تحلم بدراسة الطب مستقبلا تقول: “بعد العودة من المدرسة نستريح لبعض الوقت وعند الساعة الثالثة والنصف نقصد مكان الدورة التعليمية في كفر بطنا” وتضيف: بما أننا هذه السنة شهادة علينا بذل جهد مضاعف لتحصيل علامات عالية بينما تهاني التي تشعر أن المسافة التي تقطعها يوميا إلى كفر بطنا طويلة لكن كما تقول: “علينا أن نمشي فداء للعلم وحتى نكون من الأوائل” وعند سؤال سلمى وتهاني أن كانتا تشعران بشيء من الخوف وهما تمضيان وحيدتين عند المساء تردان: “تجاوزنا الخوف في السنوات الماضية.. الأمان هو ما نعيشه الآن”.

شهيدي عجيب

 

انظر ايضاً

مشروع رائد بخبرات وطنية يدعم منظومة الكهرباء لإنتاج 60 ميغا واط من الطاقة الكهروشمسية في حسياء

حمص-سانا بأياد وخبرات وطنية تم على ارض المدينة الصناعية في حسياء وضع أول مرحلة لإنتاج …