الشريط الإخباري

بين التكتيك والاستراتيجية .. الصورة التركية تبهت والجعبة الأميركية تفرغ

يحاول النظام التركي عبثاً ترميم الصورة التي شوهها طوال السنوات الماضية، لأنه مهما حاول في هذا المضمار ستبقى ملامحها باهتة وبسيطة، ولن ترقى حتى إلى مستوى المجاملات الدبلوماسية، وخاصة أن أردوغان مستمر بالهرولة على حواف المد والجزر، حيث يدغدغ مشاعره الحديث عما يسمى المنطقة الآمنة ويطربه سماع أي خبر قبول بها، ويعقد حاجبيه لرفضها، متجاهلاً أن رياح الحلول قلبت بيدر حساباته، وتهبُّ في اتجاه آخر لا يناسب موقفه وأوضاعه.

فذاك النظام يمد يداً إلى الجهات المشاركة بحل الأزمة، وإنهاء الحرب لتسجيل بعض المواقف أمامهم في سوتشي التي تستضيف القمة الرابعة للدول الضامنة لعملية آستنة، ثم يحجم عن مد الأخرى لأصحاب العلاقة وللمتضررين من إرهابه، لتخيله بأن شيئاً ما قد يحصل ويغير أطراف المعادلة، بحيث تصبح النتائج لمصلحته، لكن ذلك سوف يكون بعيداً عنه، وسيبقى في خانة أضغاث الأحلام.

انعكاس الصراع الدائر وراء كواليس الميدان ولاسيما في إدلب يشي بأن «سلطان العصر» يهدف لعرقلة وتقويض جهود الحل السياسي المرتقب، والذي يعكف على تقويته الشريكان الروسي والإيراني، وتأخير الحسم في الشمال لأنه سيقضي على آخر تمنياته ويحرق آخر مراكب إرهابه، وذلك عبر تركيزه على شرق الفرات ومنبج.

تركيا ليست وحدها من يعرقل الحل أو يضع العصي في عجلاته، وهناك من يلقنها ويغذي أحقادها وحماقاتها ويعللها بالآمال، حيث يقود الرئيس الأميركي دونالد ترامب دفة النظام التركي، في الوقت الذي فقد فيه فرصة البقاء المسلح على الأراضي السورية، من خلال قراره بالانسحاب والذي بات مجدولاً زمنياً، وهو ما يساهم بإفراغ جعبته، ويقطع عليه طريق فرض أو خلق ظروف صراع جديدة في سورية وربما العراق أيضاً، في الوقت الذي يسير فيه التابع الفرنسي على خطاه في سحب قواته، ما يؤكد أن الغرب يرشّح ساحة أخرى لتأزيم الأوضاع فيها وفتح جبهات قتال بهدف الاستثمار وتسويق السلاح، وما التجييش الحاصل في وارسو ضد إيران ومحور المقاومة إلا انعكاس لنيات أولئك المبيتة.

سياسة خلط الأوراق التي تتبعها منظومة العدوان في المنطقة هي المعتمدة في استراتيجية الغرب الحالية، وذلك بهدف إضاعة الطريق الصحيح، وزيادة مساحات الضبابية فيه، لأن الدفع باتجاه الحل السياسي آخر اهتماماتها، وهو في البند الأخير على أجندة التآمر، وأما الحديث عن حلول وفق القرارات الدولية والأممية، ليس إلا محض هراء وشماعة يعلقون عليها ردود أفعال الطرف الآخر التي تكون نتيجة طبيعية لنياتهم السيئة في إطالة أمد الحرب وتعقيد الموقف، وبالتالي تفعيل أي اتفاق يستوجب توافر مجموعة من المعطيات، أهمها على الإطلاق التوقف الكامل عن دعم كافة أشكال الإرهاب، بعيداً عن اللغو وحديث المقارنة بين التكتيك والاستراتيجية والتحول الكامل في خطوط السياسة.

بقلم.. حسين صقر

انظر ايضاً

ما وراء طرح دولة منزوعة السلاح ..؟ بقلم: ديب حسن

أخفق العدوان الصهيوني في غزة وعرى الكيان العنصري أمام العالم كله، ومعه الغرب الذي يضخ …