مقهى الروضة.. متحف يختزن ذكريات الأدباء والمفكرين السوريين-فيديو

دمشق-سانا

وسط المباني والمتاجر الحديثة وبعيدا عن الأماكن الأثرية وعلى مساحة تقارب 800 متر مربع مغطاة بسقف من التوتياء بقي مقهى الروضة في شارع العابد بدمشق لأكثر من 80 عاما محتفظا بهويته الخاصة كملتقى اجتماعي ثقافي على بعد عشرات الأمتار عن مبنى مجلس الشعب.

على مر السنوات بقي المقهى محطة للقاء فعاليات المجتمع الثقافية والفنية بشكل يومي فعلى طاولة من الرخام وكرسي من الخيزران دونت الكثير من الروايات وقصائد الغزل وأبيات الشعر لكبار المفكرين والشعراء مثل أدونيس ومحمد الماغوط ووليد إخلاصي وغيرهم.

التراث المعماري للمقهى شكل مادة خصبة للكثير من الفنانين لتنسيق أعمالهم الدرامية وفيه تعالت صيحات متنافسي طاولة الزهر إلى جانب مشجعي مباريات كرة القدم وهناك من يقصد المقهى لقراءة الصحف اليومية وقضاء فترة من الوقت بين نخبة متنوعة التوجهات الفكرية والمعرفية.

يفتح المقهى أبوابه منذ ساعات الصباح الأولى ويستمر إلى ما بعد منتصف الليل ويقدم جميع أنواع المشروبات الساخنة والباردة صيفاً وشتاء بأسعار لا تقاس مع خصوصية المكان الذي أصبح معلماً من معالم دمشق ومكانا مفضلا للعديد من الأجيال ليس من دمشق وحسب وإنما من مختلف المحافظات السورية إضافة إلى مزيج من اللهجات واللغات أحيانا.

أبو الحكم يعمل في المقهى منذ40 عاما يفتخر بانه التقى معظم مثقفي سورية والعالم العربي الذين ارتادوا المقهى قائلا لمراسلة سانا: “في كل ركن من أركان المقهى ترى طاولة اختلفت مشارب قاصديها بين من اعتاد الحضور وخصص لنفسه طاولة في أحد الأمكنة أو من جاء لمجرد أنه سمع عن المكان ومرتاديه المشهورين وأخذ الصور التذكارية معهم” مضيفا: “أمضيت أعوامي متنقلا بين هذه الطاولات جمعتني مع قاصديها أحاديث وعلاقات ودية وأنا سعيد بتلبية رغباتهم ولا سيما أن جو الألفة والاحترام جعل المقهى متنفسا لقصاديه”.

ويوضح أبو الحكم أن رواد المقهى يمضون ساعات طويلة البعض يحتسي الشاي ويدخن النرجيلة والآخر يلعب النرد وفي زاوية جانبية يجلس كاتب يمزق بعض الأوراق ويعيد كتابتها معتبرا أن رواد المقهى هم مرآة للمجتمع السوري يعكسون الحياة السورية بأدق التفاصيل.

ويستذكر محمود خضور مخرج مسرحي جلساته مع فايز خضور وممدوح عدوان وغيرهما من الكتاب التي كانت تحفل بالحوارات الثقافية والاجتماعية قبل الانتقال إلى لعب الطاولة قائلا: “أتردد على المقهى منذ عام 1976 لجاذبيته التي اكتسبها سواء من رواده أو إدارته التي تسعى إلى تلبيتنا بالكلمة الطيبة مطالبا بزيادة الاهتمام بالمكان” .

وتحوي مدينة دمشق عددا كبيرا من المقاهي العريقة التي يعود تاريخ تشييدها إلى عشرات السنين وتطل على الشوارع الرئيسية والأسواق الشعبية القديمة مثل النوفرة والهافانا والحجاز وغيرها من المقاهي التي تختزل الكثير من الأحداث التي عاشتها دمشق وبقيت محتفظة بتقاليدها القديمة.

جوليا عوض