الشريط الإخباري

بريطانيا أمام مفترق طرق (تقرير)

لندن-سانا

يحبس البريطانيون أنفاسهم ترقبا لتصويت مجلس العموم اليوم على اتفاق خروج بلادهم من الاتحاد الأوروبي “بريكست” والمقرر في التاسع والعشرين من آذار القادم وسط توقعات بأن يصوت المجلس ضده ما يفتح المجال أمام احتمالات تتراوح بين الانسحاب الفوضوي أو تغيير المسار والتراجع عن الانسحاب.

في البحث عن أسباب الخروج فإن بريطانيا التي تعد أحد الأعمدة الرئيسية في الاتحاد الأوروبي وخامس اقتصاد عالمي ومركز أوروبا المالي وصاحبة النصيب الأكبر من الاستثمارات الأوروبية المباشرة ورغم كل ما تحظى به من مكتسبات جلها أتت من عضويتها الأوروبية إلا أن ذلك الشعور الدفين بالانفراد وعدم الانتماء لغير بلدهم يبقى لدى البريطانيين حتى أنهم يطلقون على أوروبا لقب قارة وكأنما هم يقطنون في قارة أخرى.

وعلاوة على ذلك فإن البريطانيين يتذمرون من الشعور بإملاءات خارجية تأتيهم من بروكسل وكان الإحساس بفقدان السيادة مؤرقا لهم حيث يبدون تحسسا كبيرا من التبعية لمظلة خارجية وقراراتها وشكل الاستفتاء الذي أجري في الـ 23 من حزيران 2016 فرصة لهم للانعتاق من تلك المظلة وشعروا باستعادة السيطرة على قرارهم الذي رأوا أن أوروبا صادرته.

وتمسكت بريطانيا على الدوام بمسافة فاصلة بينها وبين باقي دول أوروبا إذ إنه حتى بعد انضمامها إلى اتحاد لم شمل القارة فإن هذا الانضمام جاء متأخراً بعد رفض أولي وعندما أعلن عن تأسيس لبنة الاتحاد الأوروبي في عام 1957 كتكتل اقتصادي أحجمت بريطانيا عن الانضمام إليه ولم تعدل عن موقفها سوى في عام 1973 أي بعد 16 سنة كما رفضت الانضمام إلى اتفاقية شنغن لحرية مرور الأشخاص والسلع عبر الحدود أو الوحدة النقدية الأوروبية “يورو” علاوة على اتجاه استقلالي نسبيا في بعض ملفات السياسة الخارجية.

ولكن بعد مرور عامين ونصف العام على استفتاء الخروج وبعد إدراك البريطانيين لمخاطر وتداعيات هذا الخروج على حياتهم ورفاهيتهم فإن الغالبية العظمى منهم تعتقد أن القرار النهائي بشأن الخروج يجب أن يحدده الشعب وفقاً لأكبر استطلاع للرأي جرى حوله منذ استفتاء 2016 حيث أظهر استطلاع أجراه مركز يوغوف قبل أسبوع وشمل 25 ألف بريطاني أن 53 بالمئة من الناخبين يفضلون إجراء استفتاء ثانٍ وأنه في حال إجرائه فإن البريطانيين سيؤءيدون البقاء في الاتحاد الأوروبي بنسبة 54 بالمئة.

وكشف الاستطلاع أنه إذا كان الخيار البقاء في الاتحاد الأوروبي أو المغادرة بشروط وفقا لصفقة رئيسة الوزراء تيريزا ماي التي تفاوضت عليها الحكومة فإن النتيجة ستكون 63 بالمئة لصالح البقاء ضمن الاتحاد وإذا كان الخيار بين عضوية الاتحاد الأوروبي أو الخروج دون صفقة فإن 58 بالمئة سيدعمون البقاء في الاتحاد الأوروبي.

رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي حذرت نواب مجلس العموم من عواقب عدم تأييدهم الاتفاق معتبرة أن مثل هذه الخطوة “ستمثل كارثة لبريطانيا وخيانة لا تغتفر للثقة في ديمقراطيتها” موضحة أن عرقلة الخروج هي الآن الاحتمال الأكثر ترجيحا على الانسحاب دون اتفاق.

من جهته رأى زعيم المعارضة البريطانية جيريمي كوربين أن الخروج من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق سيكون كارثيا وأنه يحبذ التوصل إلى اتفاق على إجراء استفتاء ثان مشيرا إلى أنه سيدعو إلى انتخابات مبكرة في حال رفض الاتفاق وأن حزبه العمال سيقدم قريباً مذكرة بحجب الثقة عن الحكومة.

الاتحاد الأوروبي من جانبه جدد في رسالة الى ماي تأكيده عدم وجود إمكانية لتعديل اتفاق الخروج أو الموافقة على أي شيء يمكن أن يتناقض معه وشددت الرسالة التي وقعها رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك ورئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر على أن الاتحاد الأوروبي ملتزم بإيجاد سبل لتفادي وضع بند الترتيب الخاص بإيرلندا في اتفاق الطرفين لخروج بريطانيا من التكتل.

بدورها نقلت صحيفة الغارديان عن مسؤولين أوروبيين قولهم إن الاتحاد على استعداد لتمديد المهلة المتاحة أمام لندن للخروج منه حتى شهر تموز القادم على الأقل موضحة أن رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك يستعد لعقد قمة استثنائية لقادة الاتحاد لبحث إمكانية تأخير موعد خروج بريطانيا المحدد في التاسع والعشرين من آذار المقبل.

وذكرت الصحيفة أن فترة تمديد المادة 50 من معاهدة لشبونة التي ستخرج بموجبها بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ستعتمد على الأسباب التي ستقدمها رئيسة الوزراء تيريزا ماي لهذا التمديد لافتة إلى أن تمديدا تقنيا سيستمر حتى شهر تموز وسيتيح لماي أشهرا إضافية لإقناع النواب البريطانيين باتفاقها للخروج أما في حال شهدت بريطانيا انتخابات مبكرة أو قررت تنظيم استفتاء جديد على بريكست فإن الاتحاد الأوروبي قد يبحث تمديدا جديدا.

وفي ضوء مؤشرات المشهد البريطاني يرجح المراقبون أن مجلس العموم لن يمرر اتفاق “بريكست” في صيغته الحالية وأنه سيضيف عليه بعض التعديلات التي يراها ضرورية لإتمام عملية الانسحاب من التكتل الأوروبي ولهذا فإن بريطانيا مقبلة اليوم على واحدة من أكثر المحطات المهمة في تاريخها وفي حال عدم موافقة مجلس العموم على الاتفاق وهو الخيار الأرجح فإن هذا سيضع مصير ملف “بريكست” في مأزق صعب قد يدخل البلاد في مرحلة المصير المجهول وهو ما ستكون له تداعيات سلبية ليس على مستقبل رئيسة الوزراء تيريزا ماي فقط بل على مستقبل البلاد برمتها.

جمعة الجاسم

تابعوا آخر الأخبار عبر تطبيق تيلغرام على الهواتف الذكية عبر الرابط:

https://telegram.me/SyrianArabNewsAgency

تابعونا عبر تطبيق واتس أب:

عبر إرسال كلمة اشتراك على الرقم 0940777186 بعد تخزينه باسم سانا أو (SANA).

تابعوا صفحتنا على موقع (VK) للتواصل الاجتماعي على الرابط:

http://vk.com/syrianarabnewsagency

انظر ايضاً

بريطانيا دخلت ركوداً اقتصادياً أواخر العام 2023

لندن-سانا أظهرت بيانات نشرها مكتب الإحصاءات الوطنية أن بريطانيا دخلت ركوداً اقتصادياً في النصف الثاني …