بعد طول مماطلة.. النظام السعودي يقر بمقتل خاشقجي ويقدم رواية غير مقنعة

دمشق-سانا

بعد طول مماطلة وتهرب أقر النظام السعودي اليوم بمقتل الصحفي جمال خاشقجي في مقر القنصلية السعودية باسطنبول وذلك بعد نحو ثمانية عشر يوما على اختفائه.

الرواية السعودية حول ظروف مقتل خاشقجي والتي أشارت إلى أن ..”خاشقجي قتل بمقر القنصلية بعد وقوع عراك ومشادات بينه وبين عدد من الأشخاص”غير مقنعة للرأي العام وخصوصا أن مسؤولين سعوديين سبق وأعلنوا أنه غادر القنصلية وان تقارير متطابقة وردت تفيد بمقتله داخل القنصلية على يد فريق أمني سعودي أرسل خصيصا لاغتياله هناك.

قضية اغتيال خاشقجي تفاعلت على الصعيد الدولي ووصلت حد التهديد بفرض عقوبات ضد النظام السعودي ومقاطعته ووضعت الادارة الامريكية الداعمة الأول لهذا النظام في موقف حرج.. هذا الحرج أشار اليه السيد حسن نصر الله الامين العام لحزب الله امس حيث قال.. إن” إدارة ترامب محشورة بشكل كبير والحكام في السعودية في وضع صعب جدا وهناك أزمة دولية وشكل من اشكال المقاطعة”.

وما يزيد الطين بلة لدى ادارة الرئيس دونالد ترامب ويرفع مستوى الاحراج إلى أعلى درجة هو ما كشفته صحيفة الواشنطن بوست الامريكية مؤخرا حول علم الاستخبارات الامريكية بمخطط أمر به ولي عهد النظام السعودي محمد بن سلمان بهدف استدراج خاشقجي واغتياله.

وازاء هذا التصعيد الدولي ضد النظام السعودي وفي محاولة منه للتهرب من تحمل تبعات هذه الجريمة أمر هذا النظام وبالتزامن مع اعلان مقتل خاشقجي باقالة عدد من المسؤولين في الاستخبارات لديه وعلى راسهم احمد عسيري نائب رئيس جهاز الاستخبارات المقرب من محمد بن سلمان اضافة إلى سعود القحطاني المستشار البارز في الديوان الملكي فيما اشارت تقارير صحفية إلى أن عسيري محتجز في وزارة الدفاع السعودية للضغط عليه ليقبل بأن يكون كبش الفداء وفق ما رأى العديد من المحللين والكتاب وذلك لابعاد أصابع الاتهام عن ولي العهد السعودي الذي أمر باغتيال خاشقجي.

الإعلان السعودي اليوم يأتي بعد أن كشفت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية الأسبوع الماضي عن خطة سعودية لايجاد مخرج لقضية اغتيال خاشقجي لافتة إلى أن شخصا مقربا من البيت الأبيض تم إبلاغه بفحوى الخطة المذكورة وتم إعطاؤه اسم عسيري كمسؤول عن جريمة خاشقجي.

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سارع من جانبه في تصريحات أدلى بها عقب الإعلان السعودي إلى مساندة حليفه النظام السعودي محاولا ابعاد الشبهات عن اركانه حيث اعتبر أن التفسيرات السعودية حول مقتل خاشقجي “جديرة بالثقة ” وأنها “خطوة أولى مهمة” فيما رفض نواب أمريكيون هذه التفسيرات.

ترامب الذي هدد على مدى الأيام الماضية بفرض عقوبات على نظام بني سعود في حال تاكد تورط أركانه بمقتل خاشقجي قال ردا على سؤال بهذا الصدد ومخففا من لهجته “إن الوقت ما زال مبكراً للحديث عن هذا الأمر فنحن لم ننته بعد من تقييمنا أو من التحقيق “وهو ما يثبت ان تصريحاته الأخيرة حول احتمال فرضه العقوبات ضد النظام السعودي تدخل في إطار الابتزاز والمساومة للحصول على مكاسب مالية من حكام الرياض.

من جانبه النظام التركي الذي وقعت الجريمة على أراضيه لم يتوان أيضا عن مساندة نظام بني سعود وحاول التعمية على القضية وخاصة بعد الاتصالات بين رئيسه رجب طيب اردوغان والملك السعودي سلمان بن عبد العزيز وبعد زيارة وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إلى الرياض وأنقرة وهو ما يشير إلى عقد صفقة بين النظامين السعودي والتركي برعاية امريكية كما كشفت بعض المصادر الاعلامية انها جرت بناء على وعود من النظام السعودي بتقديم الأموال لواشنطن وانقرة مقابل القبول برواية مقتل خاشقجي والتستر على الأمر الحقيقي لخفايا هذه الجريمة.

وكان نظام بني سعود أعلن الأسبوع الماضي عن إرسال 100 مليون دولار إلى الإدارة الأمريكية في نفس اليوم الذي وصل فيه وزير الخارجية الأمريكي إلى الرياض للبحث في قضية اختفاء خاشقجي والتي دخلت فى إطار البازار السياسي وإعداد السيناريوهات والصفقات لتبرئة اركان النظام السعودي منها.

وفي ردود الأفعال الدولية على الاعتراف السعودي بمقتل خاشقجي وصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرس الإعلان السعودي حول هذه القضية بأنه “يثير اضطرابا عميقا” مشددا على ضرورة “إجراء تحقيق سريع ومعمق وشفاف في الحادثة والمحاسبة التامة للمسؤولين” فيما حذرت منظمة “مراسلون بلا حدود” الدولية من أن أي “مساومة” حول قضية مقتل الصحفي خاشقجي ستمنح النظام السعودي “ترخيصا بالقتل”.

يشار إلى أن خاشقجي قد اختفى في الثاني من تشرين الأول الجاري بعد دخوله قنصلية النظام السعودي في اسطنبول فيما كشفت صحيفة “صباح” التركية مؤخرا أن تحقيقات سلطات النظام التركي في القضية توصلت إلى أن التسجيلات على ساعة خاشقجي أظهرت أنه تعرض للتعذيب والقتل بينما كشفت مصادر أمنية تركية أن فريقا أمنيا سعوديا دخل القنصلية في الوقت الذي كان خاشقجي داخلها واختفى منذ ذلك الحين.

محمد جاسم

انظر ايضاً

كالامار تكشف تعرضها للتهديد بالقتل من مسؤول سعودي على خلفية تحقيقيها بمقتل خاشقجي

جنيف-سانا كشفت المقررة الأممية أنييس كالامار تعرضها للتهديد بالقتل مرتين من قبل مسؤول في النظام …