الشريط الإخباري

بهارات شامية تحمل رائحة الحياة لبلدة عين ترما

ريف دمشق-سانا

خلف طاولة بقوائم حديدية ولوح خشبي وضع عليها دون تثبيت تعلوها أصناف من البهارات معبأة في أكياس نايلون وميزان على طاولة صغيرة وقف أيهم بجسمه النحيل ووجه شع منه ضياء عينيين سوداوين ينتظر زبائنه بعد يومين على البدء ببيع البهارات بإشراف أخيه الأكبر وسط بلدة عين ترما على مسافة 6كم شرق دمشق.

المحل الذي يطل على دوار وساحة بلدة عين ترما استأجره الشقيقان بمبلغ 500 ليرة سورية شهريا تبدو صادمة في ظل ارتفاع لكنها تتناسب مع المواصفات الفنية للمحل الذي خلا من أي أثاث ودون واجهة وفقد احد جدرانه ليتم تعويضه بملاءة.

ويقول أيهم البالغ 14 عاما..”فكرنا العمل بأي شيء حتى ندبر حالنا أحسن ما نبقى قاعدين” وهو أمر يبدو استثنائيا في الوقت الذي تجمع قرب زاوية المحل العشرات من سكان البلدة ينتظرون تلقي مساعدات غذائية من شاحنات الهلال الاحمر العربي السوري التي دخلت البلدة مع عيادة متنقلة وسيارتي إسعاف.

عين ترما بلدة زراعية في الجزء الغربي من الغوطة الشرقية يقع قسم من أراضيها وادي عين ترما على ضفة نهر بردى الشمالية وتعرف بالعديد من الزراعات الشتوية والصيفية الموسمية منها القمح والشعير والفول والخضر والنباتات الطبية إضافة إلى الأشجار المثمرة وخلال السنوات الماضية قبل استباحتها من التنظيمات الإرهابية شكلت نقطة جذب كبيرة للتسوق لضمها تجمعات تجارية عرفت بأسواق الخير وشركات متوسطة وصغيرة ومتناهية الصغر ولقيت شهرة واسعة لدى القاطنين بدمشق.

يعرض أيهم أصناف البهارات من الساعة الثامنة حتى الخامسة وباعتبار المحل دون واجهة يحمل الشاب الصغير معه تجارته عائدا مساء إلى البيت ويقول وهو يشير إلى معروضاته “بعض الأصناف من انتاجنا مثل الكمون واليانسون نزرعها في أرضنا وبعضها الآخر نجمعه من أهالي البلدة” مبديا رضاه عن حركة البيع “عدد الزبائن بازدياد.. الأهالي مع دخول الجيش إلى البلدة وعودة الأمان بدؤوا يخرجون من منازلهم واكتشفوا المحل”.

امرأة بعباءة سوداء تقف أمام المحل تتفحص الأنواع المعروضة حيث أخذ البائع الصغير يعددها “بهارات شاورما وكزبرة وزعتر بري ومليسة وغار وبهارات فلافل وكبسة ومحاشي وعصفر وفلفل” ثم تطلب الكزبرة لإضافتها على وجبة الغداء كما تقول وفاء حيث اكتفت بالكشف لنا عن اسمها الأول.. “سأحضر فلافل نشتهي هذه الأكلة منذ فترة” لتضيف مع اشراقة ابتسامة على وجهها النحيل “الحمد الله بدخول الجيش البلدة كل شيء صار متوافر.. الخضر والفواكه” لتنكب على الطاولة تشم بعض البهارات وتقول..”ذكرتني بالبزورية وحي العمارة بدمشق هناك تعيش أسرتي”.

ويمر بالمحل خالد كحلان مهجر من أهالي بلدة النشابية لجأ قبل سنوات مع أسرته إلى بلدة عين ترما وقرر أن يشتري وقية كمون “بالتأكيد سنحتاجه بالمطبخ” يقول قبل أن يمضي.

وتضم بلدة عين ترما نحو 30 ألف شخص وفق رئيس لجنة المصالحة فى البلدة الشيخ وليد داود البعض منهم مهجرون من بلداتهم من شرق الغوطة بينما أصر الباقون من أبنائها على البقاء.

يطيل أيهم النظر إلى عمق ساحة عين ترما التي تصطف على جانبيها عمارات حديثة من ابنية سكنية بخمس وست طبقات الاولى منها كان محلات تجارية وما اذا كان قد حدد مستقبله بتجارة البهارات يجيب التاجر الصغير الذي اكتفى بارتداء تي شيرت أزرق في يوم ربيعي بارد وبشكل قاطع “سأعود إلى الدراسة مع أول يوم من افتتاح المدرسة أبوابها.. حلمي أن أصبح مهندسا.. مهندسا بأي اختصاص.. مهندس وبس”.

شهيدي عجيب

انظر ايضاً

مزارعو الغوطة الشرقية يعيدون الحياة لأكثر من 5600 هكتار من أرضهم