كفر بطنا تعزل الإرهاب.. وابتسامة أهلها مع دخول الجيش تنهي سنوات من المعاناة

دمشق-سانا

في الشارع الممتد بين ساحة الجامع الكبير وساحة البلدية وسط بلدة كفر بطنا بالغوطة الشرقية تسرع أم حسان الخطى ممسكة بذراع زوجها وابتسامتها جذبتنا للاقتراب منها والقاء تحية المساء ليأتي الرد بصوت رخيم مليء بالفرح على طريقة أهل الريف لتقول “يسعد مساك” منهية بهذه اللحظة سنوات لم تر فيها ضيفا او شخصا عابرا للبلدة بسبب حصار التنظيمات الارهابية لها.

“الحمد لله.. كفانا خمس سنوات من الحصار”.. ببساطة تجيب أم حسان على استفسار مراسلة وكالة سانا ما سبب “الابتسامة على وجهك” بينما يختصر زوجها الستيني اللقاء بالقول “كفر بطنا تحررت” ثم يمضي الزوجان ملوحين لنا بالسلام.

بالرغم من آثارها الواضحة التي تركتها التنظيمات الإرهابية بشعاراتها واعتداءاتها على ارجاء البلدة لكن كفر بطنا أسقطت الارهاب وعزلته بدل ان يعزلها وبقيت ملتصقة بالوطن.. رجل من اهالي البلدة انضم قبل ساعات الى صفوف آباء الشهداء ورغم ذلك لم يترك الفرصة تفوته من القدوم إلى شارع المدارس حيث تجمهر عشرات الشباب والرجال بعضهم كانوا مسلحين ومطلوبين انخرطوا في تسوية لإخلاء البلدة من مظاهر السلاح مرحبين بدخول الجيش بجهود لجنة المصالحة في البلدة التي عملت بشجاعة في مواجهة الارهاب لإعادة البلدة الى حض الوطن.

يقول خليل حلاوة في الحادية والستين من عمره إنه كان يعمل حدادا قبل ان يتحول بعد ما فعله الارهابيون من تجميد للحياة في البلدة إلى عاطل عن العمل.. ويتحدث عن أفراد اسرته بكل طيبة “لدي أربعة شباب معلم وحلاق ومصلح دراجات” وتابع بهدوء “والرابع استشهد اليوم كان يقاتل مع الجيش”.

كلام الرجل الستيني وشجاعته تربك من يسمعه أمام إرادته حيث لم ينكفئ أبو الشهيد على حزنه والم فراق ابنه وانما وجد في فقدانه تضحية احتاجها الوطن وكفر بطنا لتربح الامن والحياة وبدل ان اواسيه تابع قائلا “ضحى بحياته كرمى لكفر بطنا والوطن فلا أغلى من الوطن .. الوطن فوق كل شيء .. الحمد لله البلد افضل بدخول الجيش ونأمل أن يعود كما كان”.

في الشارع ذاته تشرئب رؤوس لاجسام فتية في عقدها الاول مستطلعة لإدراك ما حولها من جلبة الحضور لا تعيق الابتسامة من الظهور على الوجوه البريئة يتحدث احد الاطفال دون سؤاله “اسمي عارف عمري 13 سنة في الصف السادس لكن لم نعد نذهب للمدرسة.. الامور كانت سيئة.. والطعام قليل” وعند سؤاله ان كان يريد العودة إلى المدرسة وماذا يحلم ان يكون بالمستقبل يجيب.. “طبيب”.

كفر بطنا بلدة وناحية في القطاع الاوسط من الغوطة الشرقية تضم بلدات سقبا وحمورية وجسرين وبيت سوى وعين ترما وافتريس وحزة وتتميز بكثافتها  العمرانية وتوفير كامل الخدمات كان يقطنها وفق رئيس بلديتها توفيق البحش قبل الحرب 25 الف نسمة تركها مع دخول المسلحين والسيطرة عليها 15 ألف نسمة ولكن بالوقت ذاته لجأت اليها مئات العائلات من بلدات الغوطة الشرقية التي تعرضت لاعتداءات الارهابيين وتركت منازلها قسرا وحاليا يقطنها 30 الف شخص.

أم راشد شوكة لجأت إلى كفر بطنا هربا من الارهابيين في بلدة المليحة قبل أن يحررها الجيش وبعد أن دفعت ابنتها الصغيرة للفت نظرنا برغبتها للحديث الينا تقول أم راشد بلهفة من مدخل باب أحد المنازل وطفلها الرضيع على زندها “الآن شعرنا بالأمان” فتكرر طفلتها في العاشرة من العمر الجملة ذاتها “الآن شعرنا بالأمان”.

تروي أم راشد على عجل محنة العائلة على يد الارهابيين لتقول “أطلقوا النار على اثنين من أولادي وأصيب زوجي” وتشير إلى باب إحدى الغرف حيث يستلقي على السرير وتضيف قبل “عشرة أيام هجم الإرهابيون على البيت كسروا الشبابيك أصبحنا نصرخ نريد أحدا يحمينا حتى دخل الجيش وفتح طاقة بأحد الجدران وانقذنا” وتختم بالدعاء.. “الله ينصر الجيش.. أولاد عمي وخالي بالجيش”.

مسحة من الكآبة والتعب لا يمكن اغفالها علت عشرات الوجوه من اطفال ونساء ورجال بلباس باهت مغبر لا تلبث أن تنقشع مع كل ايماءة يتبادلونها مع عدد من ضباط وجنود الجيش توقفوا في ساحة البلدية الى جوار دبابة ربضت بهدوء .. ابتسامة يقاومون بها معاناة طويلة من ارهاب لم يبخل بتلقينهم كل اشكال الاذلال لارضاخهم بالتجويع والاعتداء المباشر فاصروا على البقاء في بلدتهم كفر بطنا متيقنين من قدوم هذا اليوم وعودتهم الى كنف دولتهم.

شهيدي عجيب

انظر ايضاً

حركة تجارية نشطة في كفر بطنا بعد افتتاح الطريق الرئيسي وعودة الخدمات