صمت يشرعن الجريمة-الوطن العمانية

في الوقت الذي تتحدث فيه الولايات المتحدة على لسان وزير خارجيتها جون كيري عن خطوات إعادة بناء الثقة بين حكومة الاحتلال الإسرائيلي والسلطة الفلسطينية، يواصل كيان الاحتلال الإسرائيلي عربدته في الأراضي الفلسطينية، وتوغل آلة حربه وجرائمه الإرهابية في اللحم والدم الفلسطينييْنِ، وسط صمت مطبق أميركي وغربي، وهو الصمت الذي اعتاد عليه الفلسطينيون والعرب أن يكون مؤيدًا بالمطلق لكل الجرائم الإرهابية الإسرائيلية. ولا عجب ولا غرابة في ذلك؛ لأنه وفق المفهوم الأميركي والغربي، تعد تلك الجرائم الإرهابية “دفاعًا عن النفس” ومن واجب كيان الاحتلال الإسرائيلي القيام بكل ما تستلزمه وتتضمنه تلك العبارة التي أصبحت مادة في دستور جرائم الاحتلال الإسرائيلي، مطلوب من كل إسرائيلي مستوطنًا كان أو جنديًّا أو أيًّا كان صورته ومنصبه ووضعه داخل فلسطين المحتلة، أن يترجمها ترجمة عملية في تعامله مع الشعب الفلسطيني، بينما يعد مقاومة الاحتلال من جانب الفلسطينيين إرهابًا، وبالتالي ووفق هذا الصك الأميركي ـ الغربي يحق لكل إسرائيلي أن يعربد ويعيث فسادًا في الأرض الفلسطينية ويعبث بالدم الفلسطيني، سواء لإرواء وحشيته الدموية أو لمجرد التسلية.

الصك الأميركي ـ الغربي “حق “إسرائيل” في الدفاع عن نفسها” بات يعطي مفاعيله على نطاق واسع، بل يشمل كامل فلسطين المحتلة بما فيها أراضي داخل الخط الأخضر أو أراضي 48، فأصبحت الإعدامات الميدانية بحق الفلسطينيين، سواء كانت بشبهة أو دون شبهة، وبتهمة أو دون تهمة، أمرًا خاصًّا وعلامة حصرية للإسرائيلي. بل إن التوظيف لـ”حق الدفاع عن النفس” لم يقتصر فقط على البشر، وإنما تعدى إلى الحجر والشجر، وذلك بهدم البيوت وحرق المزارع.

إن الصمت الأميركي ـ الغربي المختوم بـ”حق “إسرائيل” الدفاع عن نفسها”، في الشكل والمضمون، لا يمكن تفسيره في إطاره الآني جراء مواجهة أو احتجاج يتطلبان تدخلًا من سلطات كيان الاحتلال، أو في إطار الفعل ورد الفعل، وإنما له أبعاده التي تتساوق مع مشروع الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين التاريخية والمنطقة بأكملها. فما يمارسه كيان الاحتلال الإسرائيلي بحق الأرض الفلسطينية والشعب الفلسطيني مدعومًا ومؤيدًا أميركيًّا وغربيًّا، هدفه هو إفراغ فلسطين المحتلة من أهلها الحقيقيين، وسلخها من هويتها العربية والإسلامية تساوقًا مع الحلم التلمودي المسمى بـ”يهودية الدولة”.

ولذلك، إقدام سلطات الاحتلال الإسرائيلي أمس على هدم منزل إبراهيم العكاري في مخيم شعفاط للاجئين الفلسطينيين في القدس الشرقية المحتلة، لمقاومته جرائم الاحتلال، ليس هو الأول ولن يكون الأخير، طالما أن عملية الهدم للمنازل والمساجد والمزارع تسير بصورة متوازية مع التصفية الجسدية للشعب الفلسطيني، لتصب في النهاية في تحقيق الحلم التلمودي الذي يبدأ من القدس المحتلة حيث يكثف الاحتلال الإسرائيلي عملياته لإخراج الفلسطينيين المقدسيين بصورة نهائية.

لقد كان لافتًا في زيارة جون كيري وزير الخارجية الأميركي في زيارته الأخيرة إلى فلسطين المحتلة والتي تحدث فيها عن خطوات إعادة الثقة بين حكومة الاحتلال والسلطة الفلسطينية تأييده لادعاءات حكومة الاحتلال بأن جنود الاحتلال وميليشيات المستوطنين، في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، هم ضحايا للفلسطينيين، وتبنيه مشروع بنيامين نتنياهو رئيس حكومة الاحتلال القائم على تجميد الحل السياسي إلى أجل غير مسمى، والاكتفاء بمجموعة إجراءات اقتصادية، وتخفيف القيود الأمنية المفروضة على الفلسطينيين.

الخلاصة، هي أنه إذا كان القول عند حصول أي مؤامرة أو جريمة إرهابية بحق دول المنطقة هو “فتش فيها عن الإسرائيلي”، فإن أي جريمة إرهابية إسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني يكون القول هو “فتش فيها عن الأميركي”.

رأي الوطن

تابعوا آخر الأخبار السياسية والميدانيـة عبر تطبيق تيلغرام على الهواتف الذكية عبر الرابط :

https://telegram.me/SyrianArabNewsAgency

تابعونا عبر تطبيق واتس أب :

عبر إرسال كلمة اشتراك على الرقم / 0940777186/ بعد تخزينه باسم سانا أو (SANA).

انظر ايضاً

الوطن العمانية: عودة سورية إلى الجامعة العربية تعيد الدور العربي لمكانته الصحيحة

مسقط-سانا أكدت صحيفة الوطن العمانية في افتتاحيتها اليوم أن العودة السورية إلى الجامعة العربية تمثل …