الشريط الإخباري

مهرجان الشعر في ثقافي المزة وقصائد تتماهى في حب الشام

دمشق-سانا

استضاف مهرجان الشعر الذي يقيمه المركز الثقافي العربي في المزة في ثاني أيامه عددا من الشعراء الذين تناوبوا في إلقاء قصائد عبروا من خلالها عن مكنونات داخلية تفاعلت مع الحرب التي تتعرض لها سورية فضلا عن مواضيع وجدانية ذاتية عبر طرائق شعرية مختلفة من الشعر العمودي إلى الحداثة.

ألقى الشاعر محمد خالد الخضر قصيدة بعنوان صرخة الأيادي استحضر فيها مشهد لقيط بن يعمر الأيادي التاريخي في الانتصار لقومه ليتماهى مع لغته الشعرية التعبيرية معنى وحسا ودلالة وموسيقا مستعيدا قصة الشاعر الذي يطوي خيانة بعض بني قومه ويستشرف المستقبل الذي يبنيه الحماة الأباة الذين يحملون المجد المكلل بالهوية الوطنية فيقول في قصيدته قل للأقارب والأهلين يا عرب يا أمة للعلا والعز تنتسب من استعار سيوفا رهن جيرته كل الذي جاء من جيرانه خرب وفي قصيدته من ذكريات الشام انساب ماء الحياة من مخيلة الشاعر ومن الدم الذي يسري في العروق إلى القصيدة فتخال كل جملة شعرية فما ناطقا يحكي قصص الصبا والأصحاب والأحباب بحس مرهف يتهادى مع موسيقا القصيدة ويتسامى مع انفراج قافيته وكل تركيب تصويري تمثيلي عن دمشق ودرب آلامها لخلاص شعبها وأمتها من مقاصل الظلام فيقول قلبي على باب الشآم تصابى وتذكر الأحباب والأصحابا نحن المروءة والحمية والندى خذ ما تشاء وقاوم الأغرابا.

أما الشاعرة سلمى حداد فألقت قصيدة بعنوان حمام السلام تنشد فيها الأمل والحب الذي يجمع الشتات الذي خلفته الحرب مترقبة الغد يأتي فيه النصر ممتطيا صهوة الخيل وشمس السلام تكسو أجنحة الحمام بدفئها مستنكرة الموت الذي طال أبناء وطنها فقالت عبثا يحمل الحمام رسائل … وأصوات حوافر الخيل .. وألف فراشة تدور ..أابكي أفكاري المتعبة من صقيع الموت ..والدم المنثور على الجدران.2

وفي قصيدة انتزع قلبي تتدافع عواطف الشاعرة بصورها المتعاكسة في تركيبها الفني تضفي عليها تناقضا مدهشا يعكس تذبذب مشاعرها بين الشوق ورهبة اللقاء والسطوة والانهزام فتتشكل بعفوية في بنية جملها الشعرية لتخدم الحالة الفنية لقصيدتها فتقول هز غصن قلبي .. يتساقط بين يديك … يداوي وجع الفصول .. ويعيدني من بريتي الأولى .. ارخ سدول وجهك ..قلقك الموجع يخلق عالما مضجرا.

وألقى الشاعر شادي صوان قصيدة بعنوان أغنية لا تعرف الصمت تجلت في بوح نفسي مضطرب يغزوه الحدث المتعثر بخلجات الممكن والمستحيل في بناء قصصي شعري أغلق فيه الشاعر بقافيته الانطلاق الدلالي والفيض العاطفي كحالة فطرية يهواها الشعر ولا يرسو إلا بسكون هيجان النفس فقال ماذا ستفعل أن أهملك الوقت .. وفرت من يديك الأحلام ..إن أدركت بأنك طيف يبدا عند شعاع الغيب .. وينهل من ثدي الأحلام .. إن أدركت بأنك لم تشعل حطبا لشوائك.

وعن رأيه في المهرجان قال الشاعر الدكتور محمد سعيد العتيق حلق الشاعر الخضر في أجواء وطنية عبر فيها عن أملنا وآمالنا عبر شعره الأصيل ولغته الجزلة وصوره المبهرة معريا كل من تخاذل ضد وطنه سورية فكان صوتنا في سماء دمشق كما قدم الشاعر صوان شعرا جميلا بدلالات وروءية متميزة تدل على موهبة شعرية تمتلك كثيرا من مقومات الشعر الحديث.

واعتبر عضو اتحاد الكتاب العرب الشاعر فرحان الخطيب أن الأمسية عبرت عن انتماء واضح ومتجذر عند كل الشعراء المشاركين حيث غنى الشاعر الخضر للشام وتراب الوطن مما زادنا بهجة وأعادنا إلى ثرى وطننا الغالي عبر جمل وضاءة وشفافة ومعبرة لتحمل القصيدة العامودية عنده المعاني الجميلة التي طرحت بشكل مفهوم يرتبط بالواقع ويدل على الابداع.

ورأت مؤلفة ديوان لبوة الحرف الشاعرة سنا الصباغ في إقامة هذه المهرجانات الشعرية في هذا الوقت بالذات تحديا صارخا للوجع وبزوغ فجر جديد لبلادنا من خلال حروف الأمل التي شقت الصخور وخرجت من خلالها البراعم التي تشي بغد أجمل.

ورأت الشاعرة خلود منذر التي تركت أمريكا والاغتراب لتعود إلى وطنها وتعيش مع أهلها وشعبها الألم والفرح أن المهرجان اختصر الأوجاع التي تعيشها سورية فطارت القصائد بالحضور إلى فرح جميل مبشرة باخضرار الأرض معتبرة أن قصيدتي صرخة الأيادي وذكريات من الشام عبرتا عن أمجاد الشام وحضارة سورية وعراقة شعبها وبهاء ياسمينها بصدق وانتماء خالص للوطن والأرض.

في حين قال الشاعر والناقد رضوان هلال فلاحة إن الشاعر الخضر قدم في المهرجان الشعري قصائد نحتت بأدواته الفنية الحال المعرفي والفكري للشاعر المتماهي مع العقل الجمعي وحراكه الإبداعي ليتجسد الوطن في هيكلها الفني بانيا عليه بتراكيب تصويرية تمثيلية حركية الدلالة وموشورية البعد والإيحاء وموسيقا تموج في صدى الأحرف الناسجة للكلمات متناغمة مع حسه المتدفق مع فيضه الشعري والشعوري.

يشار إلى أن المهرجان الشعري في ثقافي المزة يستضيف على مدى أربعة أيام كوكبة من الشعراء السوريين والفلسطينيين ويختتم فعالياته الخميس القادم.