الشريط الإخباري

تشظيات الثالوث الإرهابي-صحيفة الثورة

لا يكاد المشهد الإقليمي يقف على حال، حتى تأخذه التطورات إلى موقع ترتج فيه الصورة من جديد، وسط قصف لا ينتهي من المحاولات المحمومة لخلط الأوراق تارة تحت مسمى تغيير قواعد اللعبة في المنطقة، وفي أخرى تحت عنوان تصعيد الإرهاب على الأرض، وفي ثالثة خلف لافتة الترويج لمقولات تصنيف المجموعات الإرهابية بين متطرف ومعتدل، وفي رابعة وخامسة حسب الحاجة أو وفق الطلب، مع مراعاة صارمة وحرفية لتعليمات الراعي الأميركي.‏‏

في الواقع العملي تتكامل محاور العمل بين الإرهاب ومشغّليه الإقليميين، وتتناغم مع محاوره الخارجية في نقطة فاصلة، لا تتردد الأروقة الغربية باعتبارها مفصلية ومحورية، وعلى أساسها ستتشكل ملامح ما بعدها بحكم كونها الفرصة الأخيرة قبل أن تفرض المعطيات السياسية والقضايا العالقة أحكامها النهائية، وتُملي شروطها على المشهد في المنطقة.‏‏

ووفق تسريبات متعمدة في أغلبها وتخرج من خلف أبواب الاستخبارات الأوروبية بالتنسيق المسبق مع الأميركية صاحبتها الحصرية، وفق تلك التسريبات تُدار اليوم حلقات تنسيق موسعة لم تعدّ تقتصر على دوائر جزئية أو مناطقية، ولا حتى في إطار قطري، بل على كامل المنطقة، وليس هناك من هو خارج رسومها التوضيحية والبيانية سواء المرفقة بها أم تلك التي لا تزال في الأدراج الأميركية بانتظار لحظة إخراجها إلى العلن.‏‏

وتشير بوضوح إلى أن العم سام يحضّر الطاولة لمراجعة ملفاته العالقة، وتشمل إعادة تقييم الأدوات والتابعين والحلفاء قبل الخصوم والأعداء، وباشرت في بروفة أولية عبر تغيير جوهري في الطاقم السعودي ليكون أنموذجاً للقياس، بحيث تتم قراءة الرسالة قبل الاضطرار الأميركي لإعادة شرحها عندما يحين أوانها!!‏‏

ما يهمنا ليست التفاصيل الرائجة والمأخوذة من صميم التسريبات، بل في العناوين الإضافية التي اقتضت الضرورة أن تفرضها، رغم أن كثيراً منها مطروق أو تم تداوله واعتماده دون أن يجدي، وأهم ما يروّج له وإن لم يحمل العنوان ذاته، هو إعادة تبييض صفحة النصرة دون أن تشترط الدوائر الغربية المنسقة للأمر أن تعلن انفصالها عن القاعدة أو فكّ الارتباط معها، بعد أن أبدت مشيخات الخليج امتعاضها من الطلب الغربي.‏‏

وهذا يتقاطع مع جردة حسابات تمهيدية أجرتها الدول الإقليمية الداعمة للإرهاب، والتي توصلت إلى قناعة رغم أنها جاءت فرضاً من الأميركي بأنه لا وقت للتباينات، ولا مساحة للخلافات، وثمة ما يستدعي تأجيل الكثير من التناقضات حتى إشعار آخر، خصوصاً أنه يأتي في وقت تلوّح فيه أميركا صراحة بأن ربيعها الذي نشرته شكل من أشكال الخراب والدمار في عموم المنطقة، وكانت المشيخات واحدة من أدواتها فيه، قد طرق الباب الخليجي، حتى لو ادّعوا عكس ذلك.‏‏

والأخطر أن السعوديين الذين تخطوا الخطوط الحمر يدفعون غيرهم لذلك، لكن كل في دوره وموقعه الذي تريده أن يكون حسب مقتضيات أوهام ما ترسمه وما تخطط له، لتكون شريكاً في توزيع المهام الوظيفية، وإن توهم الآخرون أنها قادرة على فرض وجهة نظرها، وأنها قبلت على مضض الموقف التركي المتردد في المشاركة بعدوانها على اليمن، مقابل تعهد تركي بممارسة نموذج جديد من العدوان على سورية يحاكي النهج السعودي، ولو كان بالوكالة أو عبر المرتزقة والإرهابين، بشرط أن يكون حضورها العلني ومشاركتها أكثر وضوحاً من السابق، حتى تتساوى في الأمر مع السعودية.‏‏

ولا يخفى على أحد أنها قبلت بالدور القطَري على القاعدة ذاتها، وأنها سحبت الكثير من التحفظات على دورها المباشر والحصري في رعاية التنظيمات الإرهابية بما فيها الإخوان المسلمين، لكن بشرط أن تكون تحت مسمى مختلف، وتمّ التوافق على جبهة النصرة والفصيل التركي الجديد الذي مزج المنتج القطَري مع التصنيع السعودي، ليظهر تحت مسمى إضافي لم يتحرّج أن يكون مع النصرة.‏‏

بالمقابل كانت الأردن مجرد فرق حساب في تحالفات الثالوث القطَري التركي السعودي، وعلى القاعدة ذاتها مع إضافات وظيفية اقتضت أن تعيش حصاراً حدودياً تم تعويضه من الجيب القطَري والسعودي وإن كان لمرة واحدة، وقد لا تتكرر.‏‏

المفارقة ليست في معطيات التنسيق وآلياته والأدوار المعطاة، بقدر ما هي في كرات النار التي تقذف بها المغامرة السعودية، وإن جاءت تحت أجنحة ثالوث الشر في المنطقة وبعض مندوبي الخراب والدمار المدرجين على لوائح الخدمة الأميركية، وما تفتحه من سوابق في سقف تجاوز المحظورات المعمول بها في المنطقة.‏‏

بقلم: علي قاسم

انظر ايضاً

عبث حافة الهاوية

 لم يكد يُعلن عن الاتفاق الأميركي التركي حتى ظهرت التباينات والتفسيرات والتفسيرات المضادة، التي شهدت …