إنهاء حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية..بقلم: أحمد ضوا

يلاحظ سعي الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها الأوروبيين إلى دفع العالم لمزيد من التوتر وعدم الاستقرار المسيطر عليه في المرحلة الحالية، في إطار سعيهم وتمسكهم بالهيمنة الغربية على القرار الدولي ورفض قيام عالم جديد يقوم على تعدد الأقطاب والمصالح المشتركة، ويقيم وزناً للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.

هناك الكثير من الأدلة الحسية والمادية على هذا التوجه الأوروبي- الأميركي ويمكن تحديدها بعدد من الأدلة الساخنة والمتفاعلة على نحو خطير لا تحمد عقباه على الأمن والسلم الدوليين.

الأول: الإصرار الأميركي- البريطاني على التدخل في الشؤون الداخلية للصين وانتهاك مبدأ (صين واحدة) ودعمهما للانفصاليين في تايوان والمتطرفين في إقليم شينجيانغ، بهدف زعزعة استقرار هذا البلد وتقييد طموحاته على الصعيدين الإقليمي والدولي.

الثاني: زيادة التوتر في شبه الجزيرة الكورية من خلال المناورات العسكرية واسعة النطاق على طرفي الحدود بين الكوريتين وإطلاق التهديدات ضد “بيونغ يانغ”، وهذا يهدف في جزء منه إلى تطويق الصين أيضاً والتأثير في الأمن القومي الروسي.

الثالث: محاولة إعادة عجلة الأمور في سورية والعراق ومع إيران إلى الوراء، عبر قيام الجيش الأميركي بزج أسلحة جديدة في هذه البقعة من المنطقة التي تحاول النهوض وتجاوز حقبة الغزو الأميركي البريطاني للعراق، والعدوان الإرهابي على سورية، والتهديدات والعقوبات ضد البلدان الثلاثة.

الرابع: التدخل المباشر في الأزمة الداخلية السودانية ومحاولة ترجيح كفة طرف على آخر، عبر الضغوط السياسية والاقتصادية وممارسة الابتزاز في سياق الجهود التي تبذل لإنهاء الحرب في اليمن ومساعدة شعبه لإيجاد توافق سياسي وإعادة بناء ما دمرته الحرب.

الخامس: الإمعان في استمرار الوضع السياسي القائم في ليبيا ودعم الأطراف المتناحرة لمنع عودة الاستقرار الأمني والسياسي إلى هذا البلد وقيام حكومة موحدة.

السادس: قيام الولايات المتحدة بتغذية الخلافات في صربيا ودفع البلاد إلى التناحر لتوظيف ذلك في الضغط على الدول الأوروبية من أجل الاستمرار في دعم أوكرانيا بالمعدات العسكرية، وكذلك الضغط على روسيا الاتحادية التي تربطها علاقات قوية مع صربيا.

السابع: قيام المخابرات الأميركية عبر عملائها بتوتير العلاقات الإيرانية – الأفغانية على طرفي الحدود ومحاولة ضرب الاستقرار في آسيا الوسطى وعلى الحدود الروسية الجنوبية الشرقية، من خلال الدفع بالتنظيمات الإرهابية الدولية إلى هذه المناطق.

وأخيراً وليس آخراً، الإصرار على استمرار الحرب في أوكرانيا حتى آخر أوكراني، عبر ضخ المزيد من الأسلحة الخطيرة والفتاكة واستفزاز روسيا من خلال توجيه النظام الأوكراني بشن الاعتداءات المباشرة على الأراضي الروسية المتاخمة للحدود الأوكرانية وفي عمق روسيا باستخدام الطيران المسيّر.

إن كل ذلك يؤكد رفض الولايات المتحدة للتغيرات الدولية العميقة ورفض الانصياع لحقيقة عدم قدرة العالم على تقبّل الهيمنة الغربية، وبالتالي اللجوء إلى إشغاله بالحروب والنزاعات المسيطر عليها، وتوظيف ذلك للحفاظ على الهيمنة الأميركية المتراجعة أطول مدة ممكنة.

إن التعامل الدولي غير الجدي والمفكك نوعاً ما مع هذه السياسة العدوانية الأميركية الأوروبية يساعد حكام الغرب على تأخير أو تعقيد ولادة نظام دولي جديد، وفي الوقت نفسه يضع البشرية في وضع خطير إذا توسعت هذه النزاعات والحروب كما هو الحال في أوكرانيا إلى حرب أوسع تؤدي إلى حرب عالمية، وكل ذلك ممكن في ظل الإصرار الغربي على هزيمة روسيا وتدميرها.

يتطلب من الدول المؤيدة لقيام نظام عالمي جديد أن تبني موقفاً دولياً صارماً ضد الولايات المتحدة وحلفائها الرافضين التخلي عن هيمنتهم على القرار الدولي، يكفل تجنيب العالم كل هذه المآسي والحروب، والأهم من ذلك، يمنع وقوع حرب عالمية ثالثة، ويفتح الباب أمام ولادة طبيعية وليس قيصرية لهذا النظام متعدد الأقطاب الذي يعوّل عليه إنهاء حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية.

متابعة أخبار سانا على تلغرام https://t.me/SyrianArabNewsAgency

انظر ايضاً

بغداد–دمشق المطلوب اقتران الإرادة بالعمل… بقلم: أحمد ضوا

حظيت مباحثات السيد الرئيس بشار الأسد مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني