الشريط الإخباري

رغم مصاعب الحياة وقسوتها.. ما تزال قصص نجاح الأمهات السوريات حاضرة بالوجدان

طرطوس واللاذقية-سانا

تعددت قصص كفاح الأمهات السوريات اللواتي استطعن مواجهة مصاعب الحياة، ونذرن أنفسهن في سبيل تربية أبنائهن.. تجارب عديدة عاشتها الأمهات بأرقى المعاني الإنسانية وأنبلها فليس غريباً على الأم السورية التضحية وغرس القيم النبيلة في نفوس أبنائها.

ومن هؤلاء الأمهات عليا ديب من قرية دوير المشايخ في ريف طرطوس والتي أكدت في حديثها مع سانا أن المرأة السورية وقفت صامدة أمام مصاعب الحياة وقدمت درساً في مواجهة المجهول، لتكافح جاهدة في سبيل الحفاظ على أسرتها.

وروت أم رجب التي حملت لقب أرملة مبكراً قصة كفاحها التي بدأت لحظة استشهاد زوجها محمد مصطفى عام 2012 في حمص، تاركاً لها مسؤولية تربية ثلاثة أبناء ومسكناً بالأجرة في عمر صغير.

وتقول أم رجب كما تحب أن تدعى، إنها لم تستسلم بعد استشهاد زوجها بل كافحت جاهدة وعملت في أكثر من مهنة لتوفير النفقات اللازمة لتربية أبنائها مستغلة إتقانها لحرفة القش والخيزران وامتهنت أيضاً صناعة الإكسسوارات والتطريز فهي خريجة معهد فنون نسوية وعملت على بيع منتجاتها لتكون مصدر دخل يعينها في حياتها.

ديب البالغة من العمر 45 عاماً قالت: إن المحطة المحزنة التي مرت بها لم تنل من عزيمتها بل زادتها إصراراً وخاصة حين امتحنها الله باختبار ثان لتزيد معاناتها بعد فترة بمرض ابنها الكبير رجب بالسرطان، مبينة أن رحلة علاجه التي استمرت أربع سنوات تخللها الكثير من الوجع والحزن والأسى قبل أن يتوفاه الله لتبقى المعيل الوحيد لأطفالها.

ولفتت إلى أنها شاركت في العديد من معارض الحرف اليدوية والمهن التراثية مثل معرض دمشق الدولي ومعرض الجواد العربي في دمشق ومعرض نواعم في طرطوس ومهرجان الشيخ صالح العلي وحصلت على العديد من التكريمات، وتعرض منتجاتها عبر صفحاتها على مواقع التواصل، وأقامت الكثير من الدورات التدريبية في المدارس والمراكز الثقافية وفي منزلها بأسعار رمزية لتعليم هذه المهن.

وختمت أم رجب حديثها معبرة عن سعادتها لإكمال مهمتها لينعم الأبناء بالتربية السليمة وتحصد ثمار مجهودها على مدار سنوات، حيث استطاعت بإرادتها قهر الواقع لتصل بطفلها بدر إلى كلية الهندسة وتعمل ابنتها هناء موظفة في مشغل للخياطة.

“هنادي إبراهيم” قصة أم أخرى أسست في مطبخها الخاص بمنزلها في بلدة الشيخ سعد بمدينة طرطوس مشروعها متناهي الصغر بصناعة المأكولات المنزلية والترويج لها وبيعها لتسهم في إعالة أسرتها في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة إضافة لمشاركتها التطوعية بإعداد وجبات الطعام في المطبخ الميداني الذي شكلته مجموعة شبابية من أبناء طرطوس لمتضرري الزلزال في جبلة واللاذقية.

تتقن إبراهيم والتي تفضل مناداتها بلقب “عليا علي” الذي اختارته بعد استشهاد ابنها إعداد وجبات الطعام التراثية والحلويات والمعجنات والمقبلات وغيرها الكثير فاستغلت هذه الخبرة وحولت مطبخها الخاص بها بالمنزل لتلبية طلبات الزبائن عبر تحضير مختلف الوجبات الغذائية.

وعن مشاركتها بحملة الإغاثة عبر تأسيس مطبخ ميداني خاص بإعداد وجبات الطعام لمتضرري الزلزال وانطلاقاً من واجبها الإنساني، أوضحت أنها شاركت فور سماعها بمبادرة تطوعية وبجهود شبابية ونظراً لخبرتها الطويلة في مجال الطهي، حيث كانت تقوم يومياً منذ بدء المبادرة بالتأكد من المواد التموينية ومراحل الطهي وتوضيب وتغليف الوجبات لإرسالها للأهالي، معبرة عن سعادتها بالتعاون مع مجموعة شابة من مهندسين وأطباء وغيرهم يملكون لهفة المؤازرة والمساندة وروحاً عالية بالمبادرة وحب العمل.

(كان همي تأمين لقمة عيش لي ولأولادي الثلاثة وتوفير البيئة المناسبة لهم ليكملوا دراستهم وسد الفراغ الكبير الذي تركه غياب والدهم الذي فقدناه بسبب مرض السرطان).. بهذه الكلمات بدأت السيدة نجاة القاضي (أم المجد) وهي تسترجع ذكريات الظروف التي دعتها للعمل بعد وفاة زوجها الضابط في أحد تشكيلات الجيش العربي السوري عام 2004 لتقرر الانتقال إلى قريته دوير رسلان لتجهيز مسكن في منزل ذويه خصصت جزءاً منه لمشروع بسيط يؤمن لها دخلاً مناسباً يسد بعضاً من احتياجات أسرتها لتصبح المعيل الوحيد لهم كي لا تكون عبئاً على أحد.

بدأت أم المجد مشروعها الريفي بداية عام 2007 بصنع الفطائر والحلويات الشعبية المشهورة وما يسمى خبز الزيت على الصاج إضافة الى منتجات غذائية ريفية أخرى وتسويقها بالاعتماد على المعارف والجيران.

وتابعت أم المجد: اضطرت للانتقال إلى مدينة طرطوس ليتمكن أولادي من متابعة تحصيلهم العلمي واستأجرت منزلاً في منطقة دوير الشيخ سعد القريبة من المدينة وأمنت عملاً في أحد المطاعم الموجودة وعملت على تجهيز الوجبات الغذائية فيه لتجمعني ظروف العمل مع “قصي جديد” أحد العاملين فيه الذي أبدى تأييده ودعمه لتصبح فكرة مشروعي حقيقة فعملنا سوياً على تجهيز وبيع الفطائر والمعجنات خارج أوقات العمل في المطعم لنتخذ القرار منذ نحو خمسة أشهر لتنفيذ المشروع بشكل مستقل.

وتعتبر أم المجد أن دعم أولادها (حُسنْ خريجة الأدب العربي ومجد طالب السنة الأخيرة في كلية الاقتصاد وعلاء طالب السنة الأولى في قسم هندسة الاتصالات) ووقوفهم إلى جانبها منذ اللحظة الأولى لعملها عندما كانوا أطفالاً إلى الآن من خلال مساعدتها في العمل الدافع والسند الحقيقي لإصرارها واستمرارها بالعمل.

بكلمات مؤثرة وتفاصيل مؤلمة عاشتها أثناء وقوع الزلزال تروي السيدة “نجمة بو كردة” من اللاذقية أوقات مؤلمة وقاسية مرت عليها أثناء وقوع الزلزال فقدت فيها فلذة كبدها ابنها الوحيد الذي لم يتجاوز العام والنصف.

السيدة أميرة “أم مجد” بدأت الحديث والدمعة لا تفارق عينيها لأن منزلها الذي تقطنه مع زوجها وأولادها الخمسة لم يعد صالحاً للسكن نتيجة الزلزال والهزات المتلاحقة الذي جعله متصدعاً ولكن إرادة الحياة أقوى من كل شيء وهذا ما عهدناه في المرأة السورية التي تمتلك العزيمة القوية والإصرار على الحياة والتفاؤل بالغد الافضل.

أنها الأم وما أعظمها! تلك الشمعة التي تضيء ليل وحياة أبنائها بصلواتها ودعواتها المكللة بالرجاء فهي نبع عطاء وقنديل حب لا ينطفىء.

متابعة أخبار سانا على تلغرام https://t.me/SyrianArabNewsAgency