الشريط الإخباري

المستثنى بإلا.. والمدّ الإرهابي

في تقييمه لخطر الإرهاب، قدّم أهمّ مركز للدراسات الاستراتيجية في العالم رؤيته من منظور حوالي ألف وستمئة باحث بين مدني وعسكري، مبيّناً أن الإرهاب سيطول شمال إفريقيا، والشرق الأوسط وليبيا… ولكنّ الأهمّ الذي قدمه مركز الرائد الأميركي صاحب هذا التقرير، أن الجزائر في حالة خطر دائم من هذا الإرهاب الآخذ بالامتداد، نظراً لقربها من مراكز التوتر على الحدود مع ليبيا والنيجر ومالي، أما المعلومة أو الملاحظة الأكثر أهميةً فهي أن المغرب ـ من وجهة نظر التقرير، وفي خضم هذا التقييم ـ هي الأقل خطراً من حيث امتداد الإرهاب إليها مقارنةً مع بقية الدول العربية.
وإذا عدنا بالذاكرة إلى الوراء قليلاً، وتحديداً إلى الأسبوع الأول من بداية الأحداث، وهو ما كنّا قد أشرنا إليه سابقاً في مقالات متعددة، فإننا نستذكر ما صرّحت به جوديت ميلر، صحفيّة التضليل الإعلامي يومها، من أن المغرب العربي بمنأى عن الانتفاضات الشعبية أي ما سمّي بـ «ثورات الربيع» التي تعصف ببعض بلدان المشرق وشمال إفريقيا.. مبعدةً إياها عن أي تأثير قد يطولها، بالرغم من أن خريطة المغرب العربي لم تنجُ من التقسيم الذي شكّل خريطته «برنارد لويس» منذ ثمانينيات القرن الماضي، وبجلسة سريّة للكونغرس الأميركي ظهر تكتيك واستراتيجية الغرب لإعادة رسم حدود الشرق الأوسط التي كانت في موضوعها اتفاقاً بين الولايات المتحدة وبريطانيا و«إسرائيل»، على خلق قوسٍ من عدم الاستقرار والفوضى يشمل معظم الدول العربية، وهذا ما يكشفه التسلسل الزمني الذي وضع هذه الخطة حيز التنفيذ، عبر مراحل ظهرت معالمها بتقسيمات الخرائط والسيناريوهات المعجّلة والمؤجّلة المرسومة لتلك المنطقة.
والسؤال الذي كنا قد طرحناه منذ ثلاث سنوات يعود الآن ليطرح نفسه: لماذا المغرب هو «المستثنى بإلا» من ثورات ما سمّي «الربيع العربي»؟ ويستقدم هذا السؤال سؤالاً آخر، وبالموضوع نفسه: لماذا المغرب هو الأقل خطراً من حيث امتداد الإرهاب إليه، بعد كل هذه السنوات على الأقل حسبما أظهر التقرير الأميركي بالرغم من أن دول الساحل الصحراوي ليست بمنأى عن هذا المدّ الذي بدأت «بنوّته» تظهر للعلن من التنظيم الداعشي «الأم» حسبما أكدت وسائل الإعلام، وكذلك وجوده الحاضر على الأرض الذي تجسد في تأسيس ما سمّوه دولة الخلافة الإسلامية في المغرب «دامس»، ومثله الحال في المشرق مع اختلاف التسميات وتبدّل الرموز؟.
بالتأكيد، هذه المرة ليست هي الشائعات المضلِّلة التي كانت تحملها مساعدة ديك تشيني المتورّطة في قضية أسلحة الدمار الشامل المزعومة والمروّجة لها جنباً إلى جنب مع الغزو العسكري، وإنما يبدو أننا أمام حقيقة مبنيّة على المعلومات الاستخباراتية الأميركية التي تنشد مساحتها التخطيطية في حضن المغرب لتبعدها عن المدّ الإرهابي، لأن المطلوب في المغرب العربي هو رأس الجزائر، وغازها، وموقفها، مثلما كان مطلوباً في الشرق رأس الدولة السورية، وخطّها المقاوم, وقوة صمودها، وجيشها، في خريطة التقسيم الأميركية- الإسرائيلية.
أما ما يحدث في فلسطين المحتلة.. وفي هذا الوقت بالذات، فله تحليل آخر بعشرات الاستفسارات والأسئلة؟!
بقلم: رغداء مارديني