الشريط الإخباري

هل تمهد تصريحات بوريل لتحقيق الشروط الروسية؟- بقلم أحمد ضوا

تسود حالة من التخبط في اتخاذ القرارات والمواقف والتصريحات داخل دول الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بروسيا الاتحادية، فيما تغرد بريطانيا خارج السرب وتسابق في المواقف العدائية ضد روسيا على سيدتها الولايات المتحدة التي ترفض إلى اليوم أي اشتباك مباشر مع موسكو، فيما تحاول لندن توريط حلف شمال الأطلسي في الأزمة الأوكرانية.

إن ما أدلى به مفوض السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل حول ارتكاب الدول الغربية عدداً من الأخطاء في العلاقات مع روسيا وخاصة حرمان روسيا من التقرب من الغرب وتعهدها لأوكرانيا بقبول انضمامها إلى حلف الناتو، يمثل حالة التناقض في سياسات الدول الأوروبية، وخاصة أن هذا الملف هو سبب أساسي في إقدام روسيا على العملية العسكرية في أوكرانيا.

لا يمكن إدراج المواقف العدائية الغربية ضد الاتحاد الروسي في سلة الأخطاء وإنما كانت سياسة تشوبها بعض الخلافات ولكن في نهاية المطاف، كان يتم تبنيها من قبل الاتحاد وتأخذ مفاعيلها في شريان القرار الأوروبي وفي جميع الأوجه السياسية والاقتصادية والأمنية، وحالت هذه السياسة على مدى ثلاثة عقود دون قيام تعاون أوروبي روسي لضمان الأمن والاستقرار والتبادل التجاري الحر بين دول القارة العجوز بعيداً عن التأثيرات الأميركية.

لا شك أن اتسام الموقف الأوروبي من العملية العسكرية الروسية لحماية سكان دونباس بالضبابية والتباين يعود إلى الضغوط الأميركية عليها منفردة ومجتمعة، والأضرار التي لحقت ببعض اقتصاديات الدول الأوروبية جراء الإجراءات الاقتصادية التي اتخذتها بروكسل وواشنطن ضد روسيا وخاصة في مجال عناصر الطاقة والتكنولوجيا والفضاء وغيرها من الجوانب الاستراتيجية، والمخاوف المتزايدة من التأثيرات الكارثية البعيدة لهذه العقوبات على الاقتصاديات الغربية وبالتالي ردة الرأي العام عليها لاحقاً.

إن ما ذكره بوريل جاء متأخراً ولن يكون له أي تأثير إذا لم يترافق بخطوات سريعة من قادة الدول الأوروبية تتمثل بإعادة النظر بالعقوبات الغربية على روسيا والعمل على خط أوكرانيا لاقناعها تلبية الشروط الروسية الكفيلة بحماية الأمن القومي الروسي.

وكذلك الأمر التخبط في القرار الأوروبي يطول العلاقات مع أوكرانيا التي تتلقى رسائل بروكسل للتصعيد مع روسيا ورفض الاستجابة لشروطها، وفي نفس الوقت ترفض انضمام كييف للاتحاد الأوروبي، وهذا ما أحرج الرئيس الأوكراني المختبئ الذي بقي توقيعه لقرار انضمام بلاده للاتحاد قبل أيام حبراً على ورق.

مبدئياً تمهد تصريحات بوريل لحوار سياسي منطقي داخل الاتحاد الاوروبي ويمكن اعتبارها رسالة إيجابية لموسكو ومقدمة للتراجع عن المواقف التصعيدية ضدها ولا يندرج ذلك في خانة كرم الواجب، بل سعياً لتفادي الأضرار الكبيرة التي يتكبدها الاقتصاد الغربي وعجز العواصم الأوروبية عن تعويض مصادر الطاقة الروسية.

وأيضاً إن إعلان بوريل عن وصول الاتحاد الأوروبي إلى الحد الأقصى في العقوبات المالية ضد روسيا دون إبدائها أي نية لوقف عمليتها العسكرية قبل الاستجابة لشروطها يحمل بين طياته الاعتراف بفشل هذه العقوبات في دفع القيادة الروسية الى التراجع أمام الضغوط الغربية رغم شموليتها.

لقد كشفت الأزمة الأوكرانية نقاط ضعف كبيرة في الاتحاد الأوروبي وخاصة على المستويين السياسي والاقتصادي، فهناك دول متطرفة في مواقفها ضد روسيا، بينما تأخذ دولاً أخرى في الحسبان مصالحها ومخاطر وصول العلاقات بين الطرفين الروسي والأوروبي إلى نقطة الصدام، وكل ذلك يوسع النقاش المفتوح عن جدوى استمرار هذا الاتحاد والذي قد تطيح به الخلافات الكبيرة على خلفية العملية الروسية في أوكرانيا.

من المعروف أن الحروب والمعارك تنتهي بمنتصر ومهزوم أو طاولة مفاوضات وأعتقد أن إصرار موسكو على تحقيق شروطها في أوكرانيا سيعجل بفرد طاولة المفاوضات، وكل الأمل أن تفضي إلى عالم لا هيمنة فيه ولا شعارات مزيفة.

متابعة أخبار سانا على تلغرام https://t.me/SyrianArabNewsAgency

انظر ايضاً

بغداد–دمشق المطلوب اقتران الإرادة بالعمل… بقلم: أحمد ضوا

حظيت مباحثات السيد الرئيس بشار الأسد مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني