الشريط الإخباري

دماء شهداء سورية كسرت قيد المستعمر ورسمت درب الحرية والاستقلال

دمشق-سانا

الموقع الاستراتيجي والغنى والتنوع البيئي والثروات الباطنية التي تميزت بها سورية جعلها على مر الأعوام محط أطماع الغزاة والاستعمار الأجنبي فعلى أرضها جرت كبرى المعارك بين إمبراطوريات الشرق القديم كالإمبراطورية السومرية والأكادية والبابلية والآشورية والرومانية وغيرها وبفضل دماء شهدائها هزمت ودحرت أعتى وأقوى جيوش الغزاة كالصليبيين والمغول والاستعمار العثماني والفرنسي والبريطاني والكيان الصهيوني الغاصب.

وشكل ارتباط وتمسك الجندي السوري بأرضه واستعداده للتضحية بروحه ودمه في سبيل حرية وطنه وعزته وكرامته محور المعارك والثورات التي دارت على أرض سورية والتي يستذكرها بمناسبة عيد الشهداء المؤرخ الدكتور محمود السيد من المديرية العامة للآثار والمتاحف فمنذ أيام الاحتلال العثماني قام الشعب السوري بالعديد من الثورات ضده ومنها ثورة جبل حوران عام 1851 وثورات عشائر البدو في دير الزور.

وفي عام 1915 حكم سورية أحمد جمال باشا الملقب بالسفاح لإجرامه وقيامه بإعدام 11 مناضلاً من سورية ولبنان كما أعدم في 6 أيار عام 1916 أيضاً 21 مناضلاً إلى أن قامت الثورة السورية الكبرى ضد الاحتلال العثماني في 10 حزيران عام 1916 ومع نهاية الحرب العالمية الأولى عام 1918 دخلت القوات العربية بقيادة فيصل بن الحسين إلى دمشق وخرج الاحتلال العثماني من سورية في منتصف تشرين الثاني عام 1918م.

وفي 25 كانون الثاني عام 1919 عقد المؤتمر الوطني السوري وأعلن استقلال سورية بحدودها الطبيعية في 8 آذار عام 1920 م وعين الملك فيصل ملكاً على البلاد لكن فرنسا وبريطانيا رفضتا استقلال سورية.

وبعد عقد مؤتمر سان ريمو قرر الحلفاء استقلال سورية تحت الانتداب الفرنسي ومع تقدم الجيش الفرنسي وانفضاض الجيش العربي تم تشكيل جيش أهلي من المتطوعين للدفاع عن سورية بقيادة يوسف العظمة ضم حوالي 3000 جندي مسلحين ببنادق فقط اشتبكوا مع الجيش الفرنسي المؤلف من أكثر من تسعة آلاف مقاتل والمسلح بالرشاشات والطائرات والدبابات والمدافع الثقيلة وفي صباح يوم 24 تموز عام 1920 وبعد عدة ساعات انتهت المعركة غير المتكافئة لصالح الجيش الفرنسي واستشهد وزير الدفاع السوري آنذاك يوسف العظمة وثمانمئة مجاهد وطني سوري ودفن في مقبرة الشهداء في ميسلون التي تبعد 28  كيلومتراً شمال غرب دمشق.

إن معركة ميسلون والبطولة التي أظهرها جيش المتطوعين السوريين في مواجهة القوات الفرنسية المتفوقة عدة وعددا كانت إنذارا للقوات الفرنسية بحجم المقاومة الوطنية التي ستلاقيها في سورية وبحجم الخسائر البشرية والمادية التي سوف تتكبدها علي يد شعب سوري محب لوطنه حريص على استقلاله ووحدة أراضيه وحرية اتخاذ قراره السياسي والسيادي شعب يملك إرادة وطنية مقاومة لا تنكسر في وجه الاستعمار الأجنبي.

في عام 1921 تمكن الفرنسيون من دخول مدينة حلب وفي 1925 قامت الثورة السورية الكبرى ضد الاحتلال الفرنسي واستمرت حتى عام 1927  لتعود الأحداث لتندلع في 29 و30 أيار عام 1945 عندما قام الاحتلال الفرنسي بالعدوان على السوريين وقصف دمشق وقلعتها فاندلعت أعمال المقاومة في جميع أنحاء سورية في الشمال والجنوب والشرق والغرب وهزم السوريون القوات الفرنسية في حوران وجبل العرب وحماة ودير الزور وحلب واللاذقية وسلمت فرنسا جميع الثكنات العسكرية إلى الحكومة السورية كما نقل الفرنسيون مسؤولية الإشراف على القطاعات العسكرية الخاصة إلى الحكومة السورية فكان الأول من شهر آب عام 1945 تاريخ ميلاد الجيش الوطني السوري وفي 17 نيسان عام 1946 خرج آخر جندي فرنسي من أرض سورية الطاهرة.

شهداء سورية لم يكتفوا بالدفاع عن وطنهم فقط بل آمنوا على مر العصور بأن أي عدوان أجنبي على بلد عربي هو عدوان على جميع البلدان العربية وهو ما جسده ضابط البحرية السوري جول جمال الذي قاد عملية بحرية خطيرة حيث توجه على متن زورق طوربيد إلى البحر الأبيض المتوسط واصطدم بالمدمرة الفرنسية العملاقة جان بارت التي تم تجهيزها للعدوان على مصر وتمكن من إعطابها وشل حركتها مقدما دمه وروحه في سبيل حماية إخوته في مصر العربية ورد العدوان عنهم.

ولا توثق شهادة ضابط البحرية السوري جول جمال فقط شجاعة الجندي السوري بل تؤكد روح الأخوة ووحدة المصير والتضامن بين أبناء الوطن العربي وأن قوة العرب بوحدتهم.

الشعب السوري الذي قدم دمه وروحه في سبيل الحصول على استقلاله ووحدة أراضيه وحرية اتخاذ قراره الوطني أخذ على عاتقه مسؤولية الدفاع عن فلسطين وقضيتها وساهم في إفشال العدوان الثلاثي الفرنسي – البريطاني – الصهيوني عام 1956 على مصر وسورية وانتصر على العدو الصهيوأمريكي في حرب تشرين التحريرية وساهم في إفشال العدوان الإسرائيلي على لبنان عام 1982  ودعم المقاومة الوطنية اللبنانية في تحريرها لمعظم أجزاء الجنوب اللبناني من العدو الإسرائيلي عام 2000 وساهم في إفشال العدوان الإسرائيلي على لبنان عام 2006 وعلى غزة عام 2009 وكما كانت سورية قديما عصية على الغزاة والمحتل الأجنبي هي اليوم مقبرة للغزاة والاستعمار الحديث وأدواته الإجرامية في المنطقة.

عماد الدغلي

انظر ايضاً

اتحاد شبيبة الثورة في درعا يحتفي بعيد الشهداء

درعا-سانا بمناسبة عيد الشهداء نظم اتحاد شبيبة الثورة في درعا احتفالاً تضمن فقرات فنية وغنائية …