الشريط الإخباري

الباحث الدكتور أحمد محمد غنام كرس تجربته لدراسة فلسفة الأدباء والكتابات الأدبية

دمشق-سانا

في دراسة الأدب وإخضاع نصوصه للنقد والتحليل سنجد العديد من المدارس التي اتجهت لدراسة إما البنية الأدبية أو جماليات النصوص أو المقارنة فيما بينها أما الجانب الفلسفي فسوف نجد قلة ممن عكف عليه لصعوبته ومنهم الباحث الدكتور أحمد محمد غنام.

الدكتور غنام يوضح خلال حديث مع سانا أنه سعى عبر اختياره دراسة فلسفة الأدباء والكتاب الوصول إلى قراءة صحيحة فيما يريده الأديب أو الشاعر ليقدم حالة إبداعية تخص الإنسان وتعتمد على منهج حقيقي.

وقال غنام “أخذت الجانب الفلسفي فيما اقرأ من كتابات أدبية لأن هناك العديد من الفلاسفة الذين صاغوا أفكارهم وتصوراتهم الفلسفية الخالصة بحيث تبدو بأسلوب أدبي مثل الجاحظ الذي كان يعرض أفكار المعتزلة في قالب أدبي أو أبي حيان التوحيدي الذي لقب بأديب الفلاسفة وفيلسوف الأدباء”.

ويشير غنام إلى أنه ثمة أدباء تضمنت نصوصهم معاني وأفكاراً فلسفية جلية كالمعري والمتنبي وأبي تمام الذين زخرت نتاجاتهم الشعرية بألوان من الفلسفة وضروب من الحكمة وأنواع من المعرفة الفلسفية والحياتية المهمة.

ومن الأدباء المعاصرين الذين مزجوا نصوصهم بالفلسفة يتوقف غنام عند البرازيلي باولو كويليو الذي تميزت كتاباته بالأسئلة الوجودية والكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز في روايته (مئة عام من العزلة) وغيرها والفرنسي مارسيل بروست في روايته (البحث عن الزمن المفقود) وسواهم.

ويجد غنام أن العلاقة بين الفلسفة والأدب موضوع مهم وحساس ويحظى باهتمام النقاد والباحثين والأدباء والفلاسفة وهو لا يخلو من المتعة الفكرية والتشويق المعرفي مشيرا إلى وجود نصوص أدبية بمضامين فلسفية وأخرى فلسفية بلغة وأسلوب أدبيين بحيث تهتم الفلسفة بالسؤال عن الكون والناس والموجودات والقيم والعالم فتناقش الأسئلة الوجودية الكبرى مثل الموت والحياة والسلم والحرب والتفكير والنفس.

وتتجلى علاقة النصوص الأدبية بالفلسفة وفقا لغنام بأن الأدب هو أحد أشكال التعبير الإنساني عن أفكار الإنسان وعواطفه وخواطره بأسلوب نثري أو شعري على شكل مقالة أو قصة أو رواية أو خاطرة أو مسرح لتفتح أبواب القدرة للتعبير عما لا يمكن أن يعبر عنه بأسلوب آخر.

ويرى غنام أن الفلسفة في أصلها اللغوي هي حب الحكمة وأن كل إنسان بطبعه فيلسوف لأن هذا العلم ظاهرة إنسانية وهو مجموعة تساؤلات يثيرها العقل البشري تجاه مشكلات تعترض الحياة ويحاول إيجاد الحلول المناسبة لها.

ويعرض غنام لمقارنة لافتة وهي أن الأديب فيلسوف والفيلسوف أديب فالأخير بتأملاته ومنطقه ينتج أدباً غنيا بالمعاني والدلالات والإيحاءات والحكم فيما يستطيع الأديب إذا ما فتح المجال لأفكاره أن ينتج نصاً أدبياً بمضامين فلسفية عميقة ومفيدة فكرياً كما أن هناك فلسفات تعرض بشكل أدبي وأعمال أدبية زاخرة بالأفكار والتحليلات الفلسفية.

كما أن خطوط التماس الإبداعية تتقارب وتتباعد بين الأدب والفلسفة بحسب قدرة الكاتب وإمكاناته الفكرية والأدبية على مزج الأدب بالفلسفة أو الفلسفة بالأدب أو بتعبير آخر على كتابة الفلسفة بلغة أدبية وكتابة الأدب بمضامين فلسفية.

يذكر أن الدكتور أحمد محمد غنام منسق مادة الفلسفة في وزارة التربية وعضو في اتحاد الكتاب العرب وفي الهيئة التدريسية لجامعة بلاد الشام وله مؤلفات في الأدب والفلسفة.

محمد خالد الخضر