الشريط الإخباري

التضحية قمّة الشجاعة والتعبير عن الحرية

على الرغم من الطابع التدميري والعنيف للحرب، الظاهرة التاريخية العتيقة، والفوضى الاجتماعية والامتحان الأصعب للشعوب.. كيف يمكن أن يعدّها الفيلسوف والمفكّر الألماني «هيغل» أنها ليست بالشرِّ المُطلق؟

إذ يقول «هيغل»:

«كلُّ دولة ترمز إلى فكرة، وكلُّ دولة هي مرحلة في فكرة عالمية».. و«الدولة المستعدّة دائماً للحرب هي التي تستطيع أن تضمن السِلم لشعوبها» وإن «الحرب ضروريةٌ في حياة الدول والشعوب، لأن الدول يستيقظ وعيها في حالة الحرب».

أي إن النظرية «الهيغلية» للحرب -إذا ما استثنينا فصل المحاباة للدول القوية عسكرياً- هي مع الشعوب التي تسعى لحماية حقها في الحياة وسيادتها واستقلالها، وتدعو الأفراد للتضحية من أجل الدولة، التضحية التي يعدّها «هيغل» قمة الشجاعة وقمة التعبير عن الحرية.

وفي ظلِّ بنية نظام دولي تهيمن عليه أمريكا التي «تستذئب» على العالم وتزدري الشرعية الدولية، وكذلك من لف لفها ممن يخضع لإملاءاتها وسطوتها وهيمنتها من الدول الأوروبية والدول الإقليمية ؛ فإن النهج الاستعماري والاستغلالي فيه مستمرٌ على نحو يخدم مصالحهم وأطماعهم ومآربهم اللامنتهية، وأياً كانت مخطّطاتهم لمشروع يأملون فيه تحقيق «شرق أوسط جديد»، يقوده الكيان الصهيوني الغاشم بتوقيع المجرم بيريز، وإعلان كونداليزا رايس إلى تدوير الأوهام والتكتيكات لتنجب «صفقة القرن» في عهد الرئيس ترامب، فإن سورية لابدّ ستكون هي الحاضر الأقوى والفاعل المؤثر على الساحة الدولية، والأساس بين دول المنطقة، وهي المرحلة الأهمّ في الفكرة العالمية «حسب نظرية هيغل»، وإلا لما كانت استُهدفت، إذ لم ترتضِ أن تكون دولةً «دميةً» خانعةً أمام سطوة الهيمنة الأمريكية، بحربٍ إجرامية لا مثيل لها، من حيث عدد الدول المشاركة والتعبئة والتخطيط والعسكرة والتحالفات لتفتيتها وتقسيمها وإدخالها في دائرة العطالة والاستكانة، وأيضاً من حيث الهزائم التي منيت بها عصبة الإجرام والشر، ولم تكن في حسبانها، لأن سورية (كانت دائماً مستعدّة للحرب)، لذلك فإنها لابدّ ستضمن السِلم لشعبها، الشعب الذي ضحّى وتحمّل حرباً يشيب لها الولْدان، واستبسل في تقديم ما يليق بفكرة الدولة الرمز، فكان الكتلة الصلبة والرقم الصعب، خاصة أن المشاريع والعقابيل لاجتماعات التكتلات الاستخباراتية لحكومات نتنة، يتسرب السمّ من مخطّطاتها، إن كان على لسان جنرالاتها، وصُحفها وتصريحات مسؤوليها، ولا يهمّ الاسم إن كان «ماكس مانوارينج» – الخبير العسكري الأمريكي – أو غيره، أو إن كان خطّهم الإجرامي مُحدثاً أو تقليدياً، لأن «كلّ إناء دمويّ ينضح دائماً بما فيه»، فالجريمة هي جريمة، وحسب سياستهم، فإن أي تكلفة إنسانية ستُضاف إلى هامش حروبهم تحت بند «أضرار عشوائية»، لكنه من أخطر نتائج وسلبيات الحرب، وهذا ما يسعى إليه العقل الاستخباراتي الصهيو-أمريكي المجرم بالجيل الرابع من الحروب، التي يهدف منها إلى تعزيز الانقسام ونشر الفوضى والسيطرة والابتزاز وتقويض الدولة والمجتمع بأساليب شتّى، وتخريب البنى التحتية مع حصار اقتصادي خانق بنتائجه وآثاره التي تعد وجهاً بشعاً آخر من وجوه الحرب.. فكيف إن تزامنت الحرب الاقتصادية الإرهابية مع حرب عسكرية مازالت مشتعلة في الميدان؟.

محمد البيرق