الشريط الإخباري

الخواشق.. مفردات تراثية أصيلة تعود بأشكالها المتنوعة إلى الاستخدام العصري

اللاذقية-سانا
رغم انقضاء عصر الملاعق الخشبية المسماة في الساحل السوري “بالخواشق” إلا أن عودة تدريجية إلى هذه المفردات التراثية بدأت تتجلى واضحة في السنوات الأخيرة سواء لدواعي الاستخدام المنزلي أو بغرض الزينة والديكور لكن الاهم في الحالتين ان هذه العودة هي موءشر على وعي المجتمع السوري بأهمية الانساق التقليدية المتأصلة في الموروث المحلي باعتبار ان عموم الادوات الخشبية المستعملة في الطهي واحدة من السمات البارزة في المطبخ الريفي السوري.
في هذا السياق ذكر سليمان داوود احد المواظبين منذ عقود على الاشتغال في هذه الحرفة ان صناعة ادوات الطهي الخشبية عامة و الملاعق الخشبية على وجه الخصوص هي تقليد ساحلي قديم جدا و قد كانت هذه الصناعة في ما مضى صناعة رائجة و مربحة نظرا لحاجة الناس الى هذا المنتج لكن الامور تغيرت لاحقا و بدأ الناس يقبلون على الأدوات العصرية بأشكالها و ألوانها و موادها المختلفة.
وأضاف.. أن النأي عن المنتج الخشبي الاصيل هدد هذه الحرفة التقليدية بالاندثار رغم اهميتها و اسهم بالتالي في تغييب جانب تراثي مهم من حياتنا التقليدية و هو ما يظهر من خلال العديد من الاسئلة و الاستفسارات التي يطرحها علي شباب في مقتبل العمر و هم يراقبونني بدهشة اثناء العمل مستغربين الجهد الذي ابذله
للحصول على قطعة خشبية ما في حين ان الاسواق مليئة بما هو اكثر جمالية و تنوعا.
وأشار إلى أن /الخواشق/ تتنوع لتشمل ما يعرف بالمغرفة و الجمجم و المشط و الكف و المنشار و لكل منها وظيفة خاصة في المطبخ التقليدي اذ طالما احتاجت المرأة هذه الادوات متباهية بوجود هذه التشكيلة المنوعة من الملاعق و ادوات الطهي لديها لكن الجميل في الامر ان النساء المعاصرات بدأن اليوم بالعودة الى العديد من المظاهر التراثية و توظيفها بما يلبي احتياجاتهن الحياتية .
أما اسباب هذه العودة كما اوضح داوود فهي على الاغلب متعددة و اهمها تضاعف الوعي الصحي لدى المجتمع عموما فالملاعق الخشبية هي الادوات الاكثر سلامة و صحة للاستخدام البشري كونها مصنوعة من مادة طبيعية مئة بالمئة بالاضافة الى اسعارها الاقتصادية التي تناسب جميع الشرائح و تنوع اشكالها و احجامها و خفة وزنها و سهولة استخدامها.
واشار الى ان قسما كبيرا من هذه الادوات بات اليوم احد مفردات الزينة التي تستخدم في تصميم ديكورات المنازل و المحال التجارية حيث تعلق هذه الملاعق بعد تلوينها و زركشتها و اضافة بعض الاكسسوارات عليها على الجدران .
وحول طريقة صناعتها ذكر داوود ان ادوات المطبخ الخشبية تصنع من اخشاب معينة كأخشاب الدلب و الصنوبر و الزيتون كون هذه الانواع مطواعة في عملية النجارة حيث يتم انتقاء الاعواد الخضراء المطلوبة في اوقات معينة من السنة و من ثم قصها ليصار الى تنجير قشورها و التخلص من الندوب الزائدة و بعد ذلك تستخدم قطعة زجاج مكسورة لصقل التفاصيل الموجودة في العود قبل ان يتم دهنه بزيت الزيتون تحديدا لحماية الملعقة من التشقق و التسوس .
واضاف ان الادوات التي كان يستخدمها في هذه الصناعة منذ عقود هي ذاتها المستخدمة اليوم دون تغيير و ابرزها المنشار و القدوم المدبب المستخدم في عملية التنجير و اداة تسمى /العويقة/ و هي اشبه بسكين حادة و معقوفة تستخدم لحفر الخشب موضحا ان هذه الادوات نفسها تتم صناعتها محليا من موارد البيئة المحيطة فهي بدورها جزء من الموروث الشعبي في المناطق الريفية.
و سعى داوود خلال سنوات حياته الى تعليم عدد من ابنائه و اقاربه هذه الحرفة التي توارثها عن ابيه و جده رغم ضعف الاقبال عليها ويقول ان بعض ابنائه بدأ باحتراف وممارسة هذه المهنة موءكدا ضرورة توريث هذه المهن من جيل الى اخر حتى لا تندثر و يضيع اثرها كونها جزءا لا يتجزأ من التراث الشعبي الذي صاغ التاريخ الاجتماعي لهذه المنطقة عبر قرون من الزمن.
ودعا داوود الموءسسات الثقافية المختصة و الجمعيات الاهلية المعنية بالتراث لمضاعفة الاهتمام بالموروث الشعبي بأشكاله المختلفة و الاضاءة عليه بشتى السبل و الاحتفاء بأنساقه المختلفة من خلال فعاليات خاصة تستقطب الاجيال الشابة الى هذه الكنوز الثمينة و تعريفها بأهمية الجذر الحضاري للوطن الذي تعيش فيه.
رنا رفعت

انظر ايضاً

وسائل إعلام فلسطينية: 10 شهداء جراء قصف طيران الاحتلال منزلاً في شارع الوحدة شرق مجمع الشفاء الطبي غربي مدينة غزة