الشريط الإخباري

إسرائيل في خدمة الناتو..!! افتتاحية صحيفة الثورة

تفتح المشاركة الإسرائيلية في مناورات الناتو على تخوم الحدود الروسية الباب على مصراعيه أمام أسئلة تعيد إلى الأذهان مشاهد الاصطفاف السياسي في ظل مواجهات -لا تنقصها السخونة- يخوضها الناتو مع روسيا،

باعتبار أنّ هذه المشاركة حمَّالة رسائل لا تخفى على أحد، في ظل هواجس مشروعة، نبتت من عمق الحالة التي تشكل في جوهرها معياراً، يمكن الأخذ به في محاولة فهم الدوافع والخبايا التي تقف خلف قبول الناتو بالمشاركة الإسرائيلية لأول مرة في مناورات تفتعل رفع سقف التجاذبات الحادة بين روسيا والناتو.‏

الرسائل لا تقتصر على محاولة إسرائيل أن تكون جزءاً من منظومة الناتو رغم المسافة الفاصلة، بل هي أيضاً تشمل في جزء منها مناكفة لروسيا، باعتبار أنّ هذه المناورات جزء لا يتجزأ من حالة الاستهداف لروسيا التي لا تخفي هواجسها المشروعة من تلك المناورات وترى فيها عملاً استفزازياً متعمداً من الناتو، وفي بعضه محاولة تحرُّش تحت هذا العنوان الذي تدرك روسيا خفاياه وأبعاده ومخاطره، وخصوصاً حين بدأ رحلته العدوانية نحو الشرق بطريقة استهدفت المجال الحيوي لروسيا.‏

فالناتو الذي فقد أهم مبررات وجوده العسكري والسياسي بعد سقوط حلف وارسو ولاحقاً الاتحاد السوفييتي، بدأ رحلة البحث عن عدو ليسوّغ استمرار وجوده ورسم جملة من الخيارات الممزوجة بسلسلة من المخاطر التي ادعت المنظومة الغربية وجودها ذريعةً لسياساتها الحربية اللاحقة، والتي تموضعت على شكل محددات بدت جميعها باتجاه استهداف روسيا التي خبرت هذه النيات مسبقاً، وعملت على تأمين تلك الحدود من التغلغل الأطلسي بشكل دفع بالأمور نحو المواجهة أكثر من مرة على خلفية محاولة الناتو المحمومة الوصول إلى الحدود الروسية تحت عناوين وشعارات لا تخفي الأجندات التي تحملها.‏

التعاطي الإسرائيلي مع المناورات التي يجريها الناتو في شرق أوروبا هذه المرة اتخذ شكلاً مختلفاً، باعتبار أنه سابقة لها دلالاتها ورسائلها المحمّلة شرقاً، على حين كانت التحليلات تنحو باتجاه الكشف عن أسباب ناتجة عن عدم الوصول إلى تفاهمات مع روسيا حول ما يجري في سورية باتجاهين، الأول: ناتج عن علاقة إسرائيل مع التنظيمات الإرهابية التي توفر لها أوجه الدعم المختلفة، والتي ترى فيه روسيا تعارضاً مع سياستها في محاربة الإرهاب، والثاني: يرتبط مباشرة بالتدخلات والاعتداءات الإسرائيلية المتكررة التي وجدت فيها روسيا أمراً لا يتسق مع توجهاتها لمحاربة الإرهاب، حيث شكل التدخل في كل الحالات محاولة إسرائيلية مكشوفة لاستمرار الوجود الإرهابي بأي شكل من الأشكال.‏

وهذا يحيل المشهد باتجاه تأكيد فشل ما تدعيه إسرائيل من تفاهمات وآخرها زيارة وزير الحرب الإسرائيلي لروسيا، وقد سمع كلاماً لم يجد فيه ضالته المنشودة، فعاد إلى إسرائيل ليعلن من هناك المشاركة الإسرائيلية التي كانت غير مدرجة سابقاً، والتي تعكس ردة فعل مباشرة على الموقف الروسي المتباعد مع مشهد المطالب الإسرائيلية، وربما أضافت عليه روسيا ما سبق أن تحدثت به تسريبات إعلامية عن انزعاج روسي واضح من الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة ومخاطرها على الاستقرار الإقليمي، وهذا ما أعادت التذكير به وبالفم الملآن.‏

أن تكون إسرائيل مع الناتو وفي مندرجات منظومته العدوانية، فهذا من طبيعة الأشياء، لكن أن تذهب نحو تعمُّد الاستفزاز لروسيا، فهذا شأن آخر له حساباته ورسائله التي لا تخلو من التحدي والاستفزاز، حيث المكاسب السياسية والعسكرية التي تجنيها إسرائيل موضع شك، لكنها في سياق الاصطفاف السياسي تحمل الكثير من المعادلات التي تؤشر بشكل واضح إلى أنّ إسرائيل جزء من حلف عدواني لا يخفي أجنداته وأهدافه والسياق الذي يمارس فيه دوره الوظيفي، وقد تكون مشاركة إسرائيل في نهاية المطاف محاولة لزج الناتو في منظومتها العدوانية التي تتسع رغم إعلانه المسبق، بأنه ليس معنياً بالأجندات الإسرائيلية الإقليمية، ولا يريد أن ينجرَّ إلى ساحة مواجهة لا مصلحة مباشرة له فيها، ولا دور وظيفياً على الأقل في المدى المنظور.‏

بقلم علي قاسم

انظر ايضاً

ما وراء طرح دولة منزوعة السلاح ..؟ بقلم: ديب حسن

أخفق العدوان الصهيوني في غزة وعرى الكيان العنصري أمام العالم كله، ومعه الغرب الذي يضخ …