الشريط الإخباري
عــاجــل مصدر عسكري: حوالي الساعة 2:55 فجر اليوم شن العدو الإسرائيلي عدواناً بالصواريخ من اتجاه شمال فلسطين المحتلة مستهدفاً مواقع دفاعنا الجوي في المنطقة الجنوبية، وأدى العدوان إلى وقوع خسائر مادية

حجارة البيوت القديمة وتراث قرية الحواش ينطقون بحضارة عمرها مئات السنين

ريف حمص-سانا

في قرية الحواش وفي بيوتها القديمة تحديدا تنطق حجارتها الباقية في رحم الضيعة القديمة بحكايا التاريخ والحضارة وتراث الأجداد والأبناء الذين لايزالون أوفياء لماضيهم ويتغنون بتلك الحكايا والعادات والتقاليد ويعلمونها لابنائهم حتى الآن.

ولاتزال هذه البيوت علامة فارقة فأهل الحواش يحافظون على عاداتهم في البناء حتى الأن ويقول يوسف الشامي من سكانها “إن المنازل قديما كانت تبنى من الحجر الأزرق البركاني وتسقف بجذوع الاشجار الكبيرة والصغيرة أما الأحجار فكانت تقطع من نهر /راويل/ احد روافد النهر الكبير الشمالي وهو يمر في القرية وكانت على شكل مكعبات”.

ويتابع الشامي أن الجدران تبنى في معظم البيوت بشكل يسمى /الشل/ وهو بدون ملاط كلسي وتكون سماكة الجدار حوالي المتر تقريبا وتغطى من الداخل بطبقة من الطين المصنوع من التراب / الغضار/ الناعم ويخلط مع التبن والماء منعا للحشرات ومن ثم يطلى الطين بطبقة من الحوارة والتي تتكرر كل عام ليعطي البرودة في الصيف كما كانت الجدران تزين احيانا برسوم من النيلة الزرقاء .

أما سقف البيوت يتابع الشامي فكان يغطى بعرقات كبيرة من اللزاب على شكل جسور طويلة وسميكة يسمى مفردها عرقة تستند على أعمدة خشبية متينة يسمى واحدها الساموك كما يوضع فوق العرقات قطع خشبية أقل سماكة تدعى البدود ويوضع فوقها قطع خشبية تسمى القصع وتغطى بطبقة سميكة من نبات الشيح ثم يوضع فوق الطبقة الطين المجبول بالماء والتبن وتفرش على كامل السطح مع الضغط عليه بواسطة المدحلة / المعرجلينة/ وهي عبارة عن حجر ضخم له قوس مؤلف من قضيب من الحديد ملوي من الجانبين ليستقر في ثقبين متقابلين من المدحلة لتسييرها فوق السطح بسهولة حتى يصبح السطح قطعة واحدة متماسكة لمنع تسرب مياه الامطار شتاء ويتكرر فرش السطح كل عام صيفا بطبقة من التراب الممزوج بالتبن لتعويض الطبقة التي جرفتها مياه الامطار.

ويشير الشامي إلى أن هذا العمل كانت تقوم به ربة البيت بمساعدة جاراتها واقاربها اما رجال القرية فكانوا قديما حسب / الشامي/ يجتمعون بعد انهاء اعمالهم في الحقول لمساعدة من يبني منزلا جديدا في رفع الاتربة اللازمة لفرش سطح هذا المنزل.

ويتابع الشامي أن بيوت الاغنياء في القرية كانت تحوي بعض الغرف المبنية من الحجر المنحوت والكلس وتسقف بالكريش والطيوان مع بعض النوافذ الصغيرة المحصنة بقضبان حديدية سميكة منعا من دخول اللصوص وكان عدد قليل جدا من الغرف يسقف من القرميد على عكس اليوم التي اصبحت فيه غالبية بيوت القرية مسقوفة بالقرميد الاحمر.

أما تقسيمات المنزل القديم فكانت اما قسمين او اكثر والقسم الاكبر كان يغطى ببلاط الحجر الازرق المصقول وتكون مساحته أكبر ومستواه منخفض يسمى السيباط والقسم الثاني مرتفع بحوالي 90 سم عن السيباط ويسمى السهلة وفي وسطه حفرة لاشعال النار في الشتاء واحيانا يبنى في احد الزوايا موقد من الطين يتم الطبخ فيه شتاء وله مدخنة لاخراج الدخان خارج البيت.

ويشير الشامي إلى أنه احيانا كان اهل القرية يصنعون حواصل من الطين المجبول بخيوط القنب تسمى التوابيت او خلايا لتخزين الحبوب الصغيرة منها كانت تسمى الجفرة توضع فيها الحبوب الجاهزة للطبخ كما كانوا يتركون حفرة في الجدار تسمى اليوك يوضع فيها الفرش والاغطية لتبقى نظيفة ومرتبة اما الحصر فكانت تلف وتوضع في احدى زوايا المنزل.

كما كان يحوي البيت القديم على حفرة في السهلة قرب الباب توضع فيها جرة الماء وقربها وعاء من النحاس المبيض للشرب وكانت هناك عدة غرف في البيت منها غرف لحفظ التبن والاعلاف واخرى مخصصة لمبيت الحيوانات على حد تعبير / الشامي/.

أما النوافذ والابواب فكانت تصنع من الواح خشبية تدعم بقطعة حديدية سميكة عند المفاصل وكان موقع الباب على الجدار الجنوبي للمنزل لدخول الشمس والنور ويفتح على صحن الدار التي تتجاور حوله كل الغرف وغالبا تغطى ارض الدار بالحجر البركاني المصقول وفي احد الزوايا يبنى مرتفع يدعى المصطبة تأوي اليه العائلة في الصيف كما يوجد في زاوية اخرى التنور لخبز الخبز والى جواره جرن مملوء ماء لسقاية الدجاج.

ويتابع الشامي أنه كان البيت يحوي بعض الطوق اضافة الى النوافذ للتهوية كما كان يبنى حول البيت جدار مرتفع يسمى الحواش تزرع فيه جميع انواع نباتات الزينة مثل الحبق والنعناع والشب الظريف وغيرها من النباتات العطرية ذات الرائحة البديعة كما كان اهل القرية يزرعون في كل بيت شجرة زيتون أو توت أو زنزرختة لتأمين الظل أيام الصيف .

وحول مقتينات البيت القديم يقول الشامي إن من أهم مقتنيات البيت القديم صندوق من الخشب المحفور أو المصدف احيانا تجلبه العروس ضمن جهازها لحفظ وترتيب ملابسها اضافة الى الكاز ذو الفتيل لاضاءة البيت ليلا والذي كان يوضع على رف مصنوع من الطين وحوله كان اهل البيت يقضون الامسيات ومن ثم تطور الى جهاز اللوكس حتى اتت الكهرباء في اول الثمانينات لتغير كل حياتهم وتريحهم من كل ذلك العناء .

ويضيف الشامي أن قرية الحواش مشهورة بالزراعة على مختلف انواعها ومنها البعلية وخاصة القمح وكانوا يعملون بهمة بادواتهم القديمة ومنها مدحلة مصنوعة من حجر ثقيل لجمع القمح ومجرفة وهي قطعة من الخشب مزودة بعصا خشبية تفصل التبن عن الحب ومدراة أو كما يسمونها في القرية شاعوب تقذف التبن والقمح في الهواء وغربال ونورج / وهو عبارة عن لوح خشبي يحوي ثقوب توضع فيه شظايا احجار مسننة لفصل التبن عن الحب/ وحيلان وهو يقطع السنابل اضافة الى الكوخ وهو مصنوع من قضبان سميكة من الصفصاف او الحور او الدلب والجرة لجلب مياه الشرب والقفة وهي مصنوعة من اعواد الريحان القوية لجمع الحبوب .

ويتابع الشامي أنه كان في القرية اربع طواحين تدار بواسطة الماء حتى تستطيع المياه بتأثير الميل تدوير فراش الطاحونة الذي يدير بدوره حجر الرحى وبقيت هذه الطواحين تعمل حتى الاربعينيات من القرن الماضي حيث استبدلت بطواحين تعمل بمحرك يعمل على الديزل .

أما التسلية والسهرات في قرية الحواش قديما فكان لها نكهة خاصة ممزوجة برائحة كروم العنب والزيتون وضوء القمر حيث كان اهل القرية يتبادلون في سهراتهم رواية القصص القديمة اوالقصص الخيالية التي كانوا يبرعون في تأليفها اضافة الى اداء الاغاني الطربية والزجل والقرادي الذي برعوا فيها ايضا ومن أشهر شعرائهم نسيم النبع ونسيم اللويسي وعيسى ايوب وغيرهم كما يذكر الشامي .

ويتابع الشامي إن أهل القرية كانوا يعقدون حلقات الدبكة ويرقصون على انغام المنجيرة والمجوز والارغول والبزق وهم حتى اليوم لايزالون يتوارثون هذه العادات .

أما الرياضة فكان ركوب الخيل من اهم النشاطات الرياضية التي يمارسها ابناء القرية حيث كانوا يربون الخيول العربية الاصيلة ويشاركون بها في منافسات مع القرى المجاورة اضافة الى رياضة المصارعة.

وحول اللباس التقليدي في القرية يقول الشامي إن اللباس القديم لايزال رائجا حتى اليوم يلبسه كبار السن في القرية فالمرأة تضع على رأسها غطاء موءلفا من قطعتين الفوطة واللفحة اما لباس الجسم فكان من الداخل كسوة داخلية فوقها جبونة ثم ثوب طويل يغطي الكاحل وكن يتزين بحلابة وهي قطعة من القماش تربط حول الخصر اما الحذاء فكان لكل امرأة نوعان من الاحذية الاول ذو كعب عريض وقليل الارتفاع يتناسب مع عملها في الحقل او البيت والثاني اكثر علوا ويلبس في المناسبات.

أما لباس الرجل فكان موءلفا من حطة مصنوعة من الحرير او الحرير الشيباني او الشاش الابيض تثبت بعقال اسود وتحت الحطة يلبس قبعة مصنوعة بالسنارة أما الاغنياء فكانوا يلبسون الطربوش اما لباس الجسم فكان عبارة عن نوعين بعضهم يلبس الشروايل وهو من الجوخ الفاصونان او الكتان الاسود ومطوي على الخصر بطيات عدة وفي اعلاه دكة من الحرير الاحمر واحيانا يلف على الخصر شملة من الحرير الناعم وفوق الشروال قميص من الحرير او القطن المطرز من الجانبين ويلبس فوقه جاكيت من الجوخ الاسود عادة .

ويشير الشامي إلى أن بعض الرجال كانوا يلبسون القنباز المصنوع من الحرير المقلم بالابيض و الاصفر او الابيض والاسود او من الجوخ وتحته سروال طويل مصنوع من القطن الناعم اما الحذاء فكان عاديا وكان احيانا يصفح النعل بالمسامير العريضة لحمايته.
ولايزال الكبار في السن من الرجال والنساء في قرية الحواش يتباهون بعاداتهم القديمة ويروون للابناء والاحفاد قصصهم وبطولاتهم في الدفاع عن الارض وحب الوطن والعمل والكد وهم يلبسون اللباس التقليدي ويحتفظون في بيوتهم التي اصبحت اليوم تحاكي التطور والتكنولوجيا الحديثة بغالبية ادواتهم القديمة في الزراعة يعرضونها كمتحف في البيوت حتى اذا ماسألوا عن احدها عصف بهم الحنين وعادوا بذاكرتهم الى سنوات خلت كانت برأيهم متعبة وشاقة الا انها كانت الاجمل وعلى السنتهم يرددون الحكم الشائعة وبعض الامثال القديمة ومنها/ يلي ما الو قديم ما الو جديد/.

مي عثمان