الشريط الإخباري

حكاية الانتصار في المليحة.. مئة وثلاثون يوما من البطولات والتضحيات تفتح الباب لانتصارات جديدة-فيديو

المليحة -ريف دمشق-سانا

“حلو النصر” كلمة اتبعها بابتسامة علت وجه القائد الميداني المغبر بتراب المليحة بينما كان يرفع يده للمارين به من بواسل الجيش العربي السوري يبادلهم التحية والمباركة بالانتصار وهو يرافقنا على طول أكثر من كيلومتر قطعناها في سيارته ونحن نشق عباب الغبار في المزارع المحيطة بالمليحة.3

سكون وهدوء الانتصار أسكت صوت رصاص إرهاب المجرمين المرتزقة صادر لأشهر مضت حياة البلدة التي كانت مقصدا لسكان دمشق في نزهاتهم وخلواتهم مع الطبيعة في الجزء الجميل من غوطتها ليعلو بعد ذلك صوت الحق الذي أطلقه أبطال قواتنا المسلحة الذين عبروا عن فرحتهم بهذا النصر الذي أعاد جزءا جديداً من الغوطة إلى حضن الوطن.

“معركة المليحة هي نصر عسكري لكنه يحمل الكثير من النتائج المعنوية” بهذه الكلمات بدأ القائد الميداني حديثه معنا مشيراً إلى أن الانتصار ضاعف الروح المعنوية التي تمتع بها المقاتلون طوال فترة العملية وهو ما سيساعد كثيراً في المعارك المقبلة مع الإرهابيين والتي لن تنتهي حتى تخليص كامل الغوطة الشرقية من دنسهم.

وتعتبر المليحة رأس جسر من أجل العبور الى داخل الغوطة الشرقية والخوض في عمق العمليات هناك وهذا ما يجعل من انتصار المليحة وفق ما يؤكده القائد الميداني بداية لانتصارات قادمة باتجاه الغوطة الشرقية من اجل اعادة الامن والاستقرار إلى بلداتها وقراها كافة. 2

ويبين القائد الميداني أن معركة المليحة لها ابعاد على مستويات عدة إلا أنها عسكريا تبقى احدى المعارك المهمة والاستراتيجية موضحاً أنه مع اتخاذ القرار ببدء معركة المليحة تم وضع خطة للدخول عبر ثلاثة محاور من المزارع الشرقية الجنوبية باتجاه دير العصافير وزبدين أما الثاني فمن داخل البلدة على امتداد إدارة الدفاع الجوي والثالث كان من الشمال أي من جهة شركة تاميكو لصناعة الادوية مشيراً إلى أن سير العمليات اعترضه صعوبات كثيرة منها الطبيعة الجغرافية باتجاه وادي عين ترما ووجود الأشجار الكثيفة التي شكلت عائقا كبيرا وخاصة مع طريقة عمل نظامي ولذلك تم الاعتماد على “عمليات التسلل في الليل وتم تنفيذ العمليات بنجاح وهذا كان خيارا موفقا”.

بعد السيطرة على أجزاء كبيرة من محيط المليحة وإحكام الطوق على التنظيمات الإرهابية المسلحة داخلها كان هناك حالة من الاستماتة لدى الارهابيين للحفاظ على البلدة الاقرب إلى دمشق والتي كانت كل أحلام الإرهابيين وأوهامهم وفق القائد الميداني معلقة عليها للدخول الى العاصمة ولذلك فقد “حشدت التنظيمات الإرهابية كل قواها من تنظيمات جبهة النصرة ولواء الاسلام وجيش الإسلام وفيلق الرحمن والاتحاد الاسلامي لأجناد الشام الإرهابيين وتم استقدام مرتزقة من ارهابيين دوليين محترفين عابرين للقارات للتحصن في البلدة” مبيناً أن الإرهابيين لجؤوا خلال مدة العملية التي استمرت على مدى أربعة أشهر 130 يوما إلى أسلوب التفجيرات والعمليات الانتحارية بغية فك الطوق عنهم.4

إلا أن هذا الأمر أدى وفق ما يشير إليه القائد الميداني إلى زيادة العمليات النوعية لقواتنا المسلحة وتغيير نمط دفاعه ليدفع مع اقتراب الفصل الأخير من العملية إلى اقتحام المليحة بأعداد من بواسل قواتنا المقاتلين الذين أعدوا للقتال داخل المدن وضمن المليحة بشكل خاص كاشفاً أنه تم بمدة لا تتجاوز الشهر والنصف قلب العملية من “عملية نظامية الى عمليات خاصة وحتى تسلل عبر أنفاق الإرهابيين”.

ووفق مصادر عسكرية متابعة للعملية داخل المليحة فإن الثماني والأربعين ساعة التي سبقت إعلان النصر اتخذ امر من قيادة الجيش بالحسم السريع “فتقدم الجيش من الداخل باتجاه الأبنية التي يتحصن فيها الارهابيون مع التفاف كامل من الخارج واقتحام باتجاه الداخل لم يصمد الارهابيون وانكفؤوا مهزومين ومنهارين قتل بعضهم ولاذ آخرون بالفرار”.

بلدة المليحة كانت بؤرة للإرهاب وخط إمداد لوجستي ومأوى لعائلات الارهابيين الذين اتخذوا العديد من الأسر التي أعلنت رفضها لهم دروعاً بشرية واحتجزوهم كعامل ضغط على الجيش العربي السوري لاتخاذ قرارات بتأجيل العملية العسكرية لانهم يدركون جيدا أن الجيش لا يمكن ان يضرب في مناطق فيها مدنيون لذلك أمن الجيش لهم مخارج آمنة إلى البلدات المجاورة.1

مدينة المليحة باتت اليوم بشكل كامل تحت سيطرة الجيش العربي السوري وهي في وضع آمن تماما مع مسافة تمتد الى 2 كيلومتر من المزارع خالية من الارهابيين وفق ما يؤكده القائد الميداني الذي أوضح ان العلميات اليوم تتركز شرقا وشمالا وجنوبا مشدداً على عدم وجود أي مخاطر من محاولات الإرهابيين التسلل من البلدات المجاورة عبر المزارع باتجاه المليحة ثانية لأن “الخط الموضوع من قبل الجيش يدعو الإرهابيين إلى التفكير في أي محاولة للتسلل إلا إذا كانوا قد قرروا الانتحار وذلك قبل أن يتمكنوا حتى من لمح أطراف المليحة”.

معركة المليحة هي طعنة كبيرة بصدر الإرهابيين يوجز القائد الميداني فقد شتتهم بين جبهات عدة وهم اليوم غير قادرين على الدفاع عن البلدات المجاورة لها كما يدعون حتى جبهة جوبر خلف المليحة باتت ضعيفة جدا اضافة الى وجود خلافات كثيرة بين التنظيمات الارهابية المسلحة بعد سقوطها في المليحة.

الانتصار بمعركة المليحة لم يكن وليد الساعات الثماني والأربعين قبل الإعلان عنه امس وانما كان يقينا عاشه أبطال الجيش قبل اكثر من شهر من إنجازه بشكل نهائي وهو ما أكده لنا قائد معركة المليحة عندما رافقناه في ذلك الوقت في تنفيذ إحدى العمليات هذه الثقة كان مردها كما يقول اليوم إلى “الإيمان بعزيمة أبطال الجيش الذي مكننا من خرق دفاعات الارهابيين الذين تحصنوا في المباني الطابقية العالية واتخذوها منصات لتنفيذ اعتداءاتهم بعد أن قاموا بتفخيخها”.1

وبالنتيجة فإن دروس المليحة أكدت أنه بالعزيمة والإصرار والتصميم يتحقق الهدف وانجاز النصر الكبير وما سقوط الإرهابيين في المليحة إلا اعلان مسبق لسقوطهم في كامل الغوطة الشرقية باعتبارها كانت الحصن الحصين لهم وهي على مشارف الغوطة لتكون الكلمة الفصل عند بواسل قواتنا المسلحة الذين سيواصلون العمليات بوتيرة عالية مستفيدين من هذا الانجاز كنقطة انطلاق لاجتثاث الإرهاب من الغوطة الشرقية بالكامل.

تقرير: المراسلة الميدانية شهيدي عجيب

تصوير: محمد السعدوني