الشريط الإخباري

الأمة رجال-الوطن العمانية

يعكس هذا العنوان حقيقة الأمة معبرة برجالها الرجال. إذ ليس خالد الأسعد الذي ذبحه “داعش” في تدمر سوى عينه من الذين يتحرقون شوقا إلى خدمة بلادهم، إلى الذود عنها، إلى لعب أدوار تبدو مستحيلة إكراما لعينيها .. فلقد نال هذا المتخصص بالآثار شرف تقديم نفسه قربانا على مذبح حرية وطنه، راسما بدمه قصة أبناء سورية لحظة لا يرعبهم الموت من أجل بلادهم.

أمتي رجال يركبون المركب الخشن ولا يهابون، وفي عز العطاء لا يتراجعون، وفي لحظة كتابة المصير تغلب الغاية أي تردد. ها هم مقاتلون على الجبهات، وأساتذة ينيرون عتمة طلاب سورية، وفنانين يصنعون بالكلمة حلما قادما هو بدون أدنى شك لوحة من تراثهم .. يظل المهندس يرفع عمارات، والطبيب يقدم الشفاء لمرضاه، وصانع الحرير يتأمل جمالات يديه، ومن يصنع كسوة الشتاء أنهاها … مجتمع من الرجال الذين يبنون أمة فيها رجالات ناطقة بحقها في الدفاع عنها.

وحشية “داعش” لا تترك الرجال المتمسكين بتراثهم وأرضهم دون أن تعاقبهم على فعلتهم .. تنظيم بني من أجل الطرد وحده وضد التراث؛ لأنه جاء من غيوم عابرة، ومن أجل الذبح والقتل والسحل والحرق .. وحشيته أنه وجد حضنا أو أكثر من حضن يماشيه في غاياته، بل هو من اخترع له الطرق التي ينفذها، أفكاره كانت وراء مهمة التوحش التي تحولت إلى نظام حياة .. أما رأيتم كيف يدرب هذا التنظيم أطفاله على الذبح وبالطريقة التي يجب أن تعتمد .. أنها أجيال غدر بها الوقت فتاهت بين أيدي وحوش.

لن يسامحهم خالد الأسعد، أخافتهم رجولته، عاقبوا فيه ومن خلاله ظنونا بأن ذبح الرجال موعظة للآخرين .. علمهم أسيادهم تلك اللغة المأخوذة من تراث إسرائيل ومن تراث من حالفها. لن يضيع دم الأسعد السعيد الذي تمسك بثروة بلاده الوطنية ولم يبارحها لحظة .. آثار تدمر بالنسبة إليه عالم علمه وقيمه الوطنية ووفاء عالمه الأبعد. ولأن تدمر على خريطة روحه العربية لم يتراجع عن احتضانها، بل لأنها مرسومة على جدار قلبه وعقله تمسك بها.

ينبت الرجال في أمتي أمة من الرجال، ها هم في كل مكان علامة حرية، وها هي أفعالهم تدل على بطولاتهم .. لم يقفوا عند المفترق الخطر، بل اقتربوا من الخطر وعانقوه ومضوا يغيرون وجه الصورة، يصححون التاريخ المعاش بدمائهم، يكتبونه بشكله الحقيقي، يملأونه بالمعنى الذي يتجاوز كل معاني الحياة، وهي التضحية.

إنها لعبة الوفاء التي تتربى فيها العقائد لتقدم نفسها في تلك الصورة الجليلة .. الأمة رجال، والرجال موجودون في الميدان يغيرون مفاهيم الإقامة في الأرض، يعيدون رسم أوطانهم على قواعد بذل الدم من أجلها .. هي الحياة كما يفهمون، باتوا يفهّمونها لمن ظن الخلاص منهم كي لا يكون للأمة رجالها، أي على شاكلتهم.

زادت آثار تدمر عامودا صلبا كأعمدتها، بعدما دشن خالد الأسعد ما هو تراث في رجال الأمة. يولد السوري رجلا في أمة، ومثله العراقي واللبناني والفلسطيني وكل عربي له حلم رجولة تتجاوز البطولة.

بقلم: زهير ماجد

انظر ايضاً

الوطن العمانية: عودة سورية إلى الجامعة العربية تعيد الدور العربي لمكانته الصحيحة

مسقط-سانا أكدت صحيفة الوطن العمانية في افتتاحيتها اليوم أن العودة السورية إلى الجامعة العربية تمثل …