الشريط الإخباري

العرب وتحديات الصراع العالمي-بقلم: أحمد ضوا

تدفع الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية العالم إلى مواجهة عسكرية واقتصادية غير مسبوقة منذ الحرب العالمية الثانية لدرجة بات تداول استخدام الأسلحة النووية عنواناً للمعركة الإعلامية الطاحنة التي تدور رحاها بين واشنطن ولندن وأستراليا وبالتالي حلف شمال الأطلسي من جهة وبين روسيا الاتحادية والصين وإيران الذين يدافعون عن مصالحهم التي يحاول الحلف الآخر تحجيمها متجاهلاً الدور الكبير لهذه الدول على المستوى العالمي وفي كل الاتجاهات.

تستغل الولايات المتحدة الأزمة الأوكرانية والملف النووي والخلاف المتصاعد مع الصين كجبهات مفتوحة ولا يمر يوم إلا وتصدر وزارة الدفاع الأميركية عن قدرتها بحسم هذه المعارك ملوحة بقوتها العسكرية التي تعتمدها كغطاء لمفاوضاتها السياسية مع الأطراف الأخرى.

ومن يتابع لهجة التهديدات والتصريحات الأميركية يقتنع بأن الحرب العالمية الثالثة واقعة لا محالة وما يجري ما هو إلا تحضيرات للحظة الاشتعال.

من المؤكد أن واشنطن لا تهتم بمزاعم الدفاع عن أوكرانيا ولا برفع العقوبات عن إيران ولا بالحقوق المزعومة لأقلية الايغور المسلمة في الصين وإنما ما يحركها مصالحها القومية وشعورها بالتهديد الفعلي والحقيقي لمكانتها وقيادتها الدولية وتأمين الحماية والتفوق لكيان الاحتلال الإسرائيلي.

من المعلوم أيضاً أن المحرك الأساسي لنشوب الحروب الكبرى والعالمية هو المنافسة الاقتصادية والواقع الاقتصادي المأزوم وأحيانا غير المنظور في الشركات العابرة للحدود التي تسهم إلى حد كبير في رسم سياسات الدول وخاصة الولايات المتحدة.

قد يرى البعض أن التهديدات الغربية والحشود العسكرية غير المسبقة للولايات المتحدة وحلفائها على الحدود الروسية مع الاتحاد الأوروبي وفي المحيط الهادي والهندي وبالقرب من المياه إلاقليمية الصينية يهدف الى الضغط على المنافسين لتقديم تنازلات في المفاوضات السياسية وهذا الأمر ربما يكون ذا فعالية في مفاوضات الملف النوى الإيراني بالنظر إلى تشابك المصالح وسعي بكين وموسكو لإيجاد حل سياسي يجنب منطقة الشرق الأوسط الحيوية بالنسبة لهما حرباً إقليمية.

أما هذه الضغوط لن يكون لها جدوى بالنسبة للمفاوضات بين هذه الأطراف وخاصة في ظل التغيير في واقع توزع القوى الدولية واستحالة أن تقبل الصين وروسيا الخضوع للشروط الأميركية الغربية أو التنازل عن مصالحهم الحيوية المعبرة عن قوتهما الاقتصادية والعسكرية.

يقودنا هذا التحليل المنطقي إلى القول إن تفادي وقوع حرب عالمية ثالثة يتطلب تنازلات من الجميع وتسليم العواصم الغربية وواشنطن بحقيقة القبول بوجود مشاركين ومنافسين حقيقيين في صناعة القرار الدولي والحرب والسلام.

تعمل وسائل الإعلام الغربية على دس السم في العسل الروسي الصيني بسردها معلومات وتقارير لا سند لها عن مناقشة بوتين وبايدن في قمتهما الأخيرة التحالف ضد الصين بما يحقق مصلحة البلدين، ولكن ذلك أصبح من الماضي في ظل الاتفاقيات الإستراتيجية بين بكين وموسكو.

في ظل هذا الواقع لا يمكن التنبؤ بأي دور للعرب في تفاصيل المشهد الذي يتكون، ولكن عليهم أن يبعدوا دولهم عن هذا الصراع كي لا تكون بلادهم ساحات وجبهات لأي حرب قادمة.

إن التطورات السياسية الإيجابية الأخيرة بين الإمارات وإيران، والمفاوضات بين الرياض وطهران والعودة العربية الإيجابية إلى سورية لإيجاد تفاهمات واتفاقات للتعاون الإقليمي تشكل أرضية جيدة ومهمة جداً لتفادي التورط في حروب الآخرين.

انظر ايضاً

بغداد–دمشق المطلوب اقتران الإرادة بالعمل… بقلم: أحمد ضوا

حظيت مباحثات السيد الرئيس بشار الأسد مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني