الشريط الإخباري

إلهام أبو السعود ومسيرة ستة عقود من الإبداع مكرمة في أيام الثقافة

دمشق-سانا

لم تثنها سنوات عمرها التسعون التي قضت أكثر من ثلثيها بتأليف وتلحين أغان ترسم على محيا الأطفال الفرح والأمل في الوقوف كعرابة لموسيقا الطفولة والملحنة السورية الأولى على مسرح الأوبرا لتشهد على احتفال وزارة الثقافة بذكرى تأسيسها الثالثة والستين وتكون إحدى المكرمين فيها.

وبدأت إلهام أبو السعود مسيرتها فنياً بتعلم العزف على العود في طفولتها من والدها الذي كان مولعاً بالموسيقا ويجيد العزف والتلحين فعلمها قواعد العزف والتدوين وترسخت معارفها أكثر خلال دراستها في مدارس دمشق الابتدائية والإعدادية لتبدأ منها رحلتها في عالم الموسيقا مع آلة البيانو الذي تعلمت العزف عليه في مدرسة دوحة الأدب.

مسؤوليات الأسرة لم تكن عائقاً أمام طموحها الفني وساعدها في ذلك زوجها فنالت الشهادة الثانوية وهي أم لطفل صغير ثم أوفدت ببعثة إلى مصر لدراسة الموسيقا في كلية التربية الموسيقية بجامعة حلوان حيث تتلمذت على يد الفنانة القديرة رتيبة الحفني وعزفت في إحدى المرات أمام الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب الذي أعجب بعزفها على العود.

اشتغلت إلهام لدى عودتها مع وزارة التربية وساهمت بفعالية في إطلاق مواهب واعدة ولحنت العشرات من الأغاني والأناشيد وكانت أحد مؤسسي معهد صلحي الوادي فخرجت مجموعة من أهم العازفين الناجحين والمتميزين من الموسيقيين السوريين الذين رفدوا المشهد الموسيقي الوطني.

في رصيدها مئتان وسبعون أغنية لحنتها للأطفال اختارت نصوصها من دواوين سليمان العيسى وشعراء آخرين متوخية السهولة في الألفاظ والبحور الشعرية الرشيقة والخفيفة فكانت تجلس ساعات وأياماً إلى آلة البيانو حتى تحصل على اللحن المطلوب فتسمعه لكل المحيطين بها وتستفيد من ملاحظاتهم ومما لحنته من أغنيات بيئية توجيهية تعلم الطفل النظافة ومحاسن الأخلاق وحب البيئة ومنها أغنية بيئتي النظيفة التي تضم الغناء مع التمثيل.

وفي مجال التأليف ألفت إلهام أبو السعود خمسة عشر كتاباً تعليمياً لمختلف المراحل المدرسية مستفيدة من خبرتها في التدريس في معظم مدارس دمشق واعتمادها على طريقة الفنان النمساوي كارل أورف القائمة على تعليم الطفل الموسيقا عن طريق اللعب.

أبو السعود التي تعتبر أول مايسترو عربية سلطت الضوء على تجارب المؤلفين الموسيقيين المعروفين في سورية والعالم فعملت على تقديم الدراسات والبحوث الموسيقية في ندوات ومحاضرات داخل سورية وخارجها حيث تم اختيارها للمشاركة كمبدعة في مهرجان المبدعات العربيات في العاصمة التونسية كما قدمت في الجزائر بحثاً عن أنواع التأليف الموسيقي العربي مبينة أنها تستمتع بتقديم هذه الأبحاث للناس بطريقة مشجعة وممتعة تتخللها مقاطع من العزف والغناء الحي.

تؤمن أبو السعود بأن للموسيقا قدرات عالية في التأثير على الأطفال الذين يجب أن نسمعهم مقطوعات تناسب أعمارهم وأن نغذيهم موسيقياً ونربي فيهم حب الاستماع وننمي ذائقتهم ليتشكل وعيهم الموسيقي لتدخل السرور إلى نفوسهم ومكنوناتهم وعواطفهم فضلاً عن أنها تساعدهم في ترسيخ المواد الدرسية لذلك كانت تعمل على تحويل درس الموسيقا إلى جو من المرح والفرح لكي يحب الطلاب الدرس ولا ينفرون منه.

وعرفاناً بدورها المتميز في نشر ودعم الموسيقا والفن الأصيل في ربوع الوطن العربي حصدت ثلاث عشرة جائزة عربية ومثلت بلدها في عدد من المؤتمرات في تونس ومصر والكويت والجزائر والمغرب وكرمت في عدد من المؤتمرات والمهرجانات أهمها مهرجان الموسيقا العربية الثالث والعشرون في القاهرة.

أما تكريمها الأخير فكان ضمن افتتاح فعاليات أيام الثقافة السورية 2021 احتفاء وما زادها فخراً أن التكريم هذا نالته من بلدها التي طالما تمنت أن تكرم فيه بين أبنائه ممن ترعرعوا على ألحانها وأغانيها.

أماني فروج