الشريط الإخباري

صفحات من التاريخ كتبت بروح الفن بيد الحرفي الدمشقي

دمشق-سانا

لا يمكن للإنسان إلا أن يقف مذهولا أمام عراقة وإتقان الحرفي الدمشقي.. بهذه الجملة عبرت السيدة مها عن اندهاشها بالقطع الفنية المحفورة على الخشب والتي زينت صالة المعارض بالمركز الثقافي العربي في أبو رمانة ضمن معرض فني حمل عنوان “دمشق حاضرة الحرف” للحرفيين عدنان فيومي وطلال البدوي.

مها التي قرأت إعلان المعرض ضمن متابعتها المستمرة لصفحة المركز وجدت فيه فرصة للتعرف على هذا الفن عبر العصور وتأثره بالحضارة العربية والإسلامية من خلال اختلاف أشكال النقوش وأنواع الخشب المستخدم.

وخلال جولة سانا الثقافية على المعرض استوقفتنا تلك القطع الفنية التي بدت وكأنها صفحات من التاريخ كتبت بروح فنية جمالية انسكبت على روح الخشب فنطقت بلغة حضارة دمشقية بدأت من هذه الأرض واستمرت عبر التاريخ.

ولأن دعم الحرفة هو الأساس في استمرارها اعتبر ناجي الحموي رئيس الاتحاد العام للحرفيين أن هذه المعارض تساهم بدعم حرفنا التراثية لأنها تعرف الجمهور والإعلام على المستوى الذي وصل إليه المبدع السوري فضلا عن كونها رسالة للفن الحضاري السوري الذي وصل أرجاء العالم.

ولم يكتف الجمهور الذي فاضت به صالة المعارض بالمركز بمشاهدة التحف المعروضة بل احتشدوا في قاعة المركز ليستمعوا إلى حديث المشاركين في الندوة التراثية التي ترافقت معه بعنوان “تطور فن الحرف والنقش على الخشب في الحضارة العربية والإسلامية”.

الندوة التي قدمها الدكتور عمار النهار قدم خلالها خالد فياض أمين مجلة الحرفيين تعريفاً بتاريخ هذا الفن مشيرا إلى أن التراث الدمشقي العريق هو نتيجة تراكمات حضارية من العصور السابقة لافتا إلى دور المكتشفات الأثرية في الكشف عن ظهور الحرف وأنواع الاخشاب التي كانت تستخدم في دواوين الملوك والسلاطين حيث تحتفظ متاحف سورية بالكثير منها.

وتحدث فياض عن أنواع التطعيم المستخدمة في الحفر على الخشب والتي يعود قسم منها إلى 2400 قبل الميلاد وعن أشكال التطعيم المختلفة مشيرا إلى ظهور أنماط مختلفة من الحفر منها الفرعوني والبيزنطي والإسلامي في النحت السوري الذي اختلف في العصرين الأموي والعباسي حيث تغير الشكل والجوهر وبدأ اعتماد الحفر الغائر والأشكال النباتية.

واعتبر الفياض أن العصر الذهبي للحفر كان في عصر المماليك الذي يعتبر عصر الترف الفني والعصر الأيوبي الذي ظهر فيه الحفر في المساجد والمنابر مشيرا إلى تميز مأذنة قتيباي في الجامع الأموي التي تعتبر أجمل مأذنة في العالم بإدخال الخط الكوفي إلى زخارفها.

ولأن روح الحرفي ومهارته هي الأساس في تحويل قطعة الخشب إلى لوحة فنية أخذ الحرفي عدنان فيومي الجمهور في رحلة عن هذه الحرفة ومزاياها وأطوارها وتفاصيلها وأنواع الخشب المستخدمة ولا سيما القاسي منها كالجوز البلدي والورد والزيتون والكينا.

ولهذه الحرفة وفقا لفيومي مجموعة من الأسرار منها ما يتعلق بمواعيد قطع الخشب ومهارة استخدام الأدوات المستخدمة في الحفر والنقش.

ولا يزال فيومي يستخدم في عمله زخرفات مختلفة تمثل العصور الأموية والفاطمية والعباسية والأيوبية مبيناً أنه توارث هذه المهنة وأجرى تعديلات بسيطة من روحه على الخط العربي وادخل الأشكال الهندسية المتناسقة.

ميس العاني