معركة كسر الحصار بدأت.. ماذا بعد؟- بقلم: عبد الرحيم أحمد

لم يكن وصول النفط الإيراني إلى لبنان الشقيق عبر المرافئ السورية وقوافل صهاريج الوقود الممتدة كيلومترات إلى داخل الأراضي اللبنانية، سوى شكلاً جديداً من التحدي وضربة قوية في معركة كسر الحصار الغربي المفروض على دول محور المقاومة والذي يثبت من جديد جدوى هذا المحور وقوته وثباته ليس في ميدان الحرب العسكرية فقط، بل في مختلف المواجهات المفتوحة في المنطقة والعالم.

الكلّ يعلم أن الحرب الاقتصادية التي يشكل الحصار الجائر أحد مظاهرها، هي من أخطر الحروب وأشرسها وأكثرها ضرراً على الدول ولاسيما المواطن العادي والذي هو في النهاية هدف هذه الحرب الخبيثة، وهي من أقل الحروب تكلفة على الدول المعتدية، فيكفي أن يصدر قرار غربي بوقف التعامل مع بنوك أي دولة حتى يتمّ شلّ حركة تجارتها مع العالم ويصبح من الصعوبة بمكان على هذه الدولة تأمين التوريدات بكلّ أشكالها من المواد التقنية إلى الأدوية والمحروقات وإعاقة عمليات التصدير التي تعتبر المطرح الأساس لجلب الإيرادات بالقطع الأجنبي.

وما يجري حالياً من حصار جائر فرضته الولايات المتحدة على شكل عقوبات ضدّ سورية وكلّ من يتعامل معها من دول وشركات هو أحد وجوه الحرب الاقتصادية المفروضة عليها إلى جانب احتلال منابع النفط ومناطق زراعة القمح في الجزيرة السورية، لكن لجوء دول محور المقاومة إلى التبادل البيني للمنتجات والمواد الأولية التي تمتلكها تشكل الأداة الأفضل والأجدى في معركة كسر الحصار، ما يشكل مصدر قوة إضافية لدول المقاومة وتحدياً جديداً للدول والقوى الداعمة للإرهاب والتي تستهدف سورية والمقاومة اللبنانية وتعمل على خنقها.

لاشكّ أن معادلة كسر الحصار التي شهدناها مؤخراً بالتعاون الثلاثي السوري الإيراني اللبناني سيكون لها مخرجات إيجابية في المستقبل القريب لاسيما أنها تزامنت مع رضوخ الولايات المتحدة وقبولها عبور الغاز والكهرباء المصري والأردني إلى لبنان عبر الأراضي السورية مع كلّ ما يعنيه ذلك من عائدات جيدة للجانب السوري وإنهاء حالة الخنق التي يعاني منها الشعب اللبناني الذي استطاع بعد أشهر طويلة تشكيل حكومة تحظى برضى جميع الأطراف.

وإذا ما ربطنا عملية كسر الحصار الأخيرة والتي جرت بشكل علني بالتزامن مع القمة السورية الروسية التي عقدت مؤخراً في موسكو، فيمكن القول أن الأيام المقبلة حبلى بالمتغيرات الطيبة التي ستنعكس إيجاباً على السوريين واللبنانيين سواء لجهة تأمين حوامل الطاقة التي تشكل الأساس لتحسين الوضع المعاشي في البلدين أم لجهة تحسن الوضع الاقتصادي والإنتاجي بشكل عام.

الحراك الأخير الذي تزامن أيضاً مع مواصلة الجيش العربي السوري بسط سيطرته على مختلف مناطق الريف الغربي والشرقي لدرعا بعد حي درعا البلد سيكون بمنطق المقدمات والنتائج خطوة وقاعدة لتطورات ميدانية قد تكون على جبهة إدلب التي يشنّ الطيران الحربي غارات دقيقة على تحصينات إرهابيي جبهة النصرة، وربما في منطقة الجزيرة السورية التي يحتلّ فيها الجيش الأميركي مع الميليشيات الانفصالية بعض مناطق آبار النفط الأساسية في البلاد.

صحيح أن التفجير الإرهابي الأخير لخط الغاز العربي في ريف دمشق محاولة لتعطيل مسار كسر الحصار، لكن الأيام علمتنا في سورية أن هذه المحاولات لن يكتب لها النجاح، والدليل على ذلك الزيارة التي قام بها وزير الدفاع السوري العماد علي أيوب إلى عمان، ولقاؤه رئيس هيئة الأركان الأردنية وهي الأولى من نوعها في عقد من الزمن، لبحث التنسيق والتعاون في محاربة الإرهاب.

انظر ايضاً

نقل الحرب إلى داخل روسيا لمصلحة من؟… بقلم: عبد الرحيم أحمد

لم تكن المحاولة الأوكرانية استهداف مبنى الكرملين بطائرات مسيرة مطلع شهر أيار الجاري محاولة جديّة