الشريط الإخباري

“منظمة الكيميائي” كسلاح في “التجويع للتركيع”-بقلم: أحمد حسن

النائب عن ايرلندا في البرلمان الأوروبي “كلير دالي” وصفت الممثل الأعلى للاتحاد، ” جوزيف بوريل”، بالقول: “أنت مجرم وأحد قتلة الشعب السوري” بسبب دوره، واتحاده، في عملية حصار وتجويع السوريين.

القتلة ذاتهم الذين يمثلهم “بوريل” أي الاتحاد، بدوله الكبرى النافذة في مجلس الأمن الدولي – بريطانيا وفرنسا – “تداعوا” لمساندة واشنطن غداً وهي تتهيأ، مرة جديدة، لرفع راية الأسلحة الكيميائية في المجلس، لتحقيق الهدف ذاته: الاخضاع والاستتباع، ولكن هذه المرة بسلاح “التجويع” القاتل.

وكالعادة، يبدو أن التقرير الغربي حول الأمر مكتوب سلفاً، وكالعادة، أيضاً، يبدو أن البعض، من عرب وغيرهم، لا زالوا يضعون أيديهم على قلوبهم وهم يرددون ذات العبارة التي وجهوها علناً، منذ سنوات معدودة، لباراك أوباما :”اضرب سيدي الرئيس”، لأنه كما قال مثقف عربي بارز!! .. وحرفياً: “بصراحة، ما لنا غيرك يا مولانا”، وبالطبع لم يقصدوا حينها، ولا الآن، إسرائيل، بل سورية باعتبار ذلك ضرورياً “للواجب الأخلاقي” للغرب، و”فرصته الأخيرة لإثبات مصداقيته، وتحسين صورته..!!”. وتلك تعابير “جميلة” يمكن لشعوب العالم المختلفة قول الكثير عن إيمان هؤلاء، و”مولاهم”، بها بغض النظر عن تغيّر اسمه من أوباما إلى ترامب ومؤخراً بايدن.

والحال إن العالم بغربه وشرقه يعرف جيداً جوهر هذا “الواجب الأخلاقي” وأهدافه الحقيقية. صرخة النائب “دالي” تقول ذلك، مواقف روسيا والصين كعضوين دائمين في مجلس الأمن حيال هذه المسألة وغيرها تؤكدان الأمر ذاته، خاصة وأن هذا “الواجب” أصبح يطالهما أيضاً من بوابات عدة، سورية إحداها، واجتماع الغد أحد صورها. أيضاً، جماعة من قادة الرأي العام ورجال من الاستخبارات الغربية وعلماء – بعضهم مفتشون سابقون في منظمة الكيماوي ذاتها وبعضهم علماء مختصون بالأسلحة الكيماوية – أكدوا فهمهم لحقيقة هذا “الواجب” في رسالة علنية موجهة “للمنظمة” تشير إلى القلق البالغ من التزوير الذي تقوم به حيال سورية عبر إهمالها تقارير العلماء والمفتشين الميدانيين والاقتصار على تقارير قادتها الموجودين في المقر الرئيسي.

بالطبع لن تعتمد الرسالة كإحدى أوراق ووثائق الجلسة العتيدة القادمة، حتى ولو على سبيل التحقّق من مضمونها، فالسياسة وألعابها القذرة لن تسمح بذلك، ومسار انتهاك السيادة السورية الذي يذكّر، كما قالت وزارة الخارجية الروسية عام 2013: “مسار التحقيق في وجود أسلحة الدمار الشامل في العراق الذي استند إلى بيانات خاطئة عن عمد، وأدى إلى نتائج معروفة”، ما زال مستمراً ولكن بأساليب أخرى، فهذه المرة لا يراد من “قصة الكيماوي” ضرب سورية عسكرياً، فذلك دونه حقائق وموازين قوى متغيرة باستمرار ولا تميل لصالحهم، بل يراد منه منحهم ورقة أخلاقية مزعومة لإدامة حصارها وتجويع شعبها بعقوباتهم الفاجرة واللاشرعية، كوسيلة مثلى في سياسة “التجويع للتركيع”.

في سورية لا نطلب الكثير. جلّ ما نريده، هو ما طالب به أصحاب الرسالة سالفة الذكر، أي إجراء تحقيق جديّ وشفاف هدفه الوحيد اكتشاف الفاعل، كائناً من يكون، والإعلان عنه وتجريمه. وفي هذا الإطار، وتسهيلاً لعمل المنظمة، يمكن لها العودة إلى أرشيف الشبكة العنكبوتية، وهو لا زال متوافراً، حيث نشرت مجموعات مسلحة، معروفة التمويل والتّبعية، لقطات على مواقع التواصل الاجتماعي، وهي تحضّر السلاح الكيماوي وتجرّبه على الحيوانات، ويعرف الجميع أي الدول التي زودتها به، بل وطرق وصوله إلى أيديها وأين استُخدم بالتحديد.

وللمفارقة فإن زعيم هذه الجماعة التي اتهمتها “أنقرة” – بما ومن تمثّل في مجال رعاية الإرهاب – رسمياً في لحظة خلاف تكتيكي بينهما بامتلاك غاز السارين القاتل، يلاقي اليوم، بعد أن أصبح بربطة عنق، قبولاً إعلامياً غربياً، يخفي خلفه قبولاً سياسياً، باعتباره الوجه السوري المقبول للحل السياسي!!!…

للتذكير بعض من طالب “أوباما” بضرب سورية على خلفية “قصة الكيماوي” لم تعن لهم دماء مئات آلاف السوريين التي كان من الممكن أن تراق، سوى “بعض التنظيف” على حد قول أحدهم. اليوم أيضاً لا ولن تعني للغرب المتغطرس موت آلاف السوريين جوعاً من عقوباتهم اللاشرعية – و”قصة الكيماوي” قميصها الجديد – سوى بعض الضحايا الجانبية لا أكثر ولا أقل.

انظر ايضاً

خارج السياق الإنساني.. داخل سياق الغابة.. بقلم: أحمد حسن

بالتأكيد لم يكن العدوان الإسرائيلي الأخير على دمشق خارج السياق الحالي، كما “يحلّل” البعض، بل …