الشريط الإخباري

“خوابي الماء”.. صنعتها الجدات لحفظ مياه الشرب فتحولت إلى تحف فنية تعبق بروح الأصالة والتراث

السويداء-سانا

مازالت الجدة رحمة خير أم إبراهيم تحرص على الاعتناء بخابية ماء صنعتها وشقيقتها الأكبر  قبل أكثر من 40 عاما في ركن خاص بمنزلها الريفي بمحافظة السويداء معتادة شرب الماء الذي تحفظه فيها لما له “من لذة وطعم مختلف لا يعرفه إلا من تذوقه وشعر بعذوبته” كما تقول.

حال أم إبراهيم الثمانينية حال الكثيرات من الجدات اللواتي حرصن على صنع تلك الخوابي بحرفية عالية انطلاقا من ضرورة وحاجة لوجود إناء لحفظ الماء في منازلهن كما تبين لنشرة سانا سياحة ومجتمع معتمدات في ذلك على مواد بسيطة متوافرة ضمن بيئتهن ليتم تجهيزها ووضعها ضمن مكان معد لها بأحد أركان المنزل بحيث تغطى بغطاء منعا لسقوط شيء فيها مع وضع إناء صغير عليها ليشرب منها كل أفراد العائلة على مدار العام.

خوابي الماء العتيقة التي غالبا ما كانت النساء تتشاركن بصناعتها ويبدعن بحسهن الفني الفطري  ومهاراتهن في تشكيلها  وتزيينها وإظهارها بأحلى صورة لتغدو أشبه بتحف فنية تزين الركن المخصص لها،  تحمل الكثير من الذكريات الجميلة للجدة ابتسام الخطيب التي ما زالت تحرص رغم التغييرات والتحديثات التي طرأت على منزل عائلتها القديم على الاحتفاظ بخابية الماء كتحفة تراثية لها خصوصيتها وما زالت  تستخدمها في حفظ الماء وتبريده.

صناعة الخابية الواحدة كانت تحتاج إلى جهد وصبر ووقت كبير يقارب الشهر كما توضح الجدتان خير والخطيب حيث كانت النساء تعدهن من مواد بسيطة متوفرة في منطقة جبل العرب والمتمثلة بنوع تربة خاصة تحرص على جمعها من أماكن نظيفة إضافة إلى الرمل الأسود الذي يتم نخله وتصفيته.

ولفتتا إلى أنه بعد ذلك يتم إحضار نوع من الحبال تسمى “المرس” تنقع بالماء وتفصل خيوطها و تدق مع كميات من خيوط الخيش حتى تتحول إلى فتات ناعم ليتم مزج جميع المكونات وعجنها حتى يتم الحصول على عجينة متماسكة ليبدأ تشكيل الخابية على عدة مراحل وفق حجمها المطلوب مع الاعتناء بمتابعة دلكها بمدالك حجرية خاصة لتغطية الشقوق ورسم نقوش و زخارف عليها وصولا إلى حرقها لتأخذ اللون المطلوب والصلابة اللازمة لحفظ الماء ولتدوم فترة طويلة.

و على الرغم من تطور وسائل حفظ وتبريد الماء والشكل العمراني الحديث للمنازل وضيق مساحتها بقي للخابية في كثير من بيوت السويداء مكانتها كتحفة ترتبط بروح الأصالة والتراث ليس في البيوت القديمة والريفية بل كذلك في الكثير من المنازل الحديثة التي حرص أصحابها على تخصيص ركنا لها كنوع من  الديكور والزينة يجمل بها المداخل والزوايا والشرفات بهدف مزج التراث بالحداثة فيما عمد أصحاب بعض المنتزهات على وضعها كذلك ضمن شلالات الماء  لتظهر كتحفة تراثية تعطي منظرا جماليا وإحساسا ينقلك إلى الماضي بطابع عصري متجدد على حد تعبير العديد من زوارها والقائمين عليها.

خوابي الماء التي روت عطش الكثيرين من مائها العذب والبارد تمثل حسب عضو مجلس إدارة  جمعية العاديات بالسويداء المخرج تيسير العباس واحدة من رموز وأدوات التراث المادي التي استخدمها أهالي جبل العرب قديما لحفظ مياه الشرب وتعود إلى أكثر من ثلاثة قرون من الزمن وتوارثتها الأجيال وما زالت إلى يومنا هذا في البيوت القديمة حيث كانت توضع في مكان ظليل غالبا ما يكون تحت دالية عنب مع الحرص على تخصيص مكان لها أيضا في المضافات.

الشاب وضاح الحجلي الذي يهوى جمع القطع التراثية والأواني القديمة لما تحمله من جماليات وبساطة الحياة أشار إلى أن خابية الماء إحدى الأدوات التي حرص على وجودها ضمن مقتنياته التراثية وقد حصل عليها كهدية من إحدى نساء قريته إضافة إلى طنجرة فخارية توضع تحت الخابية لتجمع الماء الراشح منها مشيرا إلى وجود عدة أشكال للخوابي وأكثرها انتشاراً الشكل المتعارف عليه وهو الجرة.

‏خزامى القنطار

تابعوا آخر الأخبار عبر تطبيق تيلغرام على الهواتف الذكية عبر الرابط:

https://telegram.me/SyrianArabNewsAgency

تابعوا صفحتنا على موقع (VK) للتواصل الاجتماعي على الرابط:

http://vk.com/syrianarabnewsagency