فايننشال تايمز: أساليب أردوغان القمعية دفعت بأصدقائه وحلفائه إلى الاستقالة من حزبه وتأسيس أحزاب جديدة

لندن-سانا

أكدت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية أن سياسات رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان وأساليبه القمعية تجاه معارضيه وسوء إدارته الاقتصادية وتجاهله سيادة القانون أجبرت أصدقاءه وحلفاءه القدامى بالابتعاد عنه والتبرؤ من سياساته وتشكيل أحزاب مناهضة لحزبه الحاكم.

وأوضحت الصحيفة في مقال للكاتبة لورا بيتل أن أبرز المنشقين عن حزب أردوغان هو حليفه المقرب السابق أحمد داود أوغلو الذي أقيل من منصب رئيس الوزراء في أيلول من عام 2016 وقد تعهد حينها بمواصلة “الولاء” لأردوغان ولكنه بعد ثلاث سنوات كسر صمته ليبرز كأكبر الناقدين لسياسات أردوغان وحكومته.

وأشارت الصحيفة إلى أن أوغلو الذي يعد واحداً من عدة وزراء سابقين تركوا الحزب في الأشهر الأخيرة يقود الآن إحدى مجموعتين من أعضاء سابقين في الحزب تخططان لإنشاء حراك سياسي يتحدى أردوغان بينما يقود المجموعة الثانية نائب رئيس الوزراء التركي السابق وأحد مؤسسي حزب العدالة والتنمية الحاكم علي باباجان بينما يتوقع سياسيون مخضرمون إطلاق أحزاب جديدة رسميا قبل نهاية العام.

ويؤكد أعضاء بارزون في هذين المعسكرين أن ما دفعهم لتحركهم هذا هو سياسات أردوغان الخطيرة والمتمثلة في تكتيكاته القمعية المتزايدة تجاه خصومه ومعارضيه وخطابه القومي وسوء إدارته الاقتصادية وتجاهله لسيادة القانون وعدم استعداده الواضح للاستماع إلى أولئك الذين يحثونه على تغيير هذا المسار حيث قال أحد أعضاء الحراك البارزين: “ظننا أنه ربما قد يفهم الرسالة.. لكن دائما كانت هناك أعذار.. ورأينا أننا إذا لم نتحرك الآن فإننا سنندم في المستقبل”.

وأشارت الصحيفة إلى أن هذا الانشقاق مهم ليس لما سيحدثه من صدع غير مسبوق في صفوف الحزب الحاكم فحسب بل أيضا لتأثيره السلبي والضرر المحتمل الذي سيلحقه بالهيمنة التي يمارسها أردوغان على المسرح السياسي والتي استمرت 17 عاما.

ورغم محاولات أوغلو المستمرة لتحييد نفسه عن أردوغان إلا أن الكثيرين يبدون تشككهم في ذلك لكونه المهندس الرئيسي للسياسة الخارجية لحزب العدالة والتنمية على مدى السنوات الماضية كما أنه أحد واضعي سياسات النظام التركي القائمة على دعم الإرهاب في سورية والمنطقة.

وأشارت الصحيفة إلى أن الأغنية الشعبية التي يحلو لأردوغان ترديدها في التجمعات السياسية والتي تقول “لقد مشينا معا على طول هذه الطرق” يبدو أنها لم تجد استجابة لدى الآخرين.

ويقول الصحفي التركي باريز تيركوغلو “أصبح التضامن في حزب العدالة والتنمية صعب المنال إذ لم يتبق سوى قلة قليلة من الأشخاص الذين أسسوا الحزب مع أردوغان في عام 2001 في صفه حتى الآن”.

ولفتت الصحيفة إلى “أن النزاعات والخلافات في المراكز العليا من الحزب الحاكم مترسخة.. ويقول الوزراء السابقون إن هناك دلائل تشير إلى أن أردوغان توقف عن الإنصات إليهم منذ عقد من الزمن وأصبح لا يتقبل النقد”.

وأشارت المصادر إلى أن هذه التوترات قد تأججت عندما واجه أردوغان سلسلة من التحديات التي تهدد قيادته بما في ذلك الاحتجاجات الجماهيرية التي اجتاحت البلاد عام 2013 والتحقيق في الفساد الذي طال حكومته في وقت لاحق من ذلك العام ومحاولة الانقلاب عام 2016.

وأوضحت الصحيفة أن ظهور بيرات البيرق صهر أردوغان الذي كان مسؤولاً عن الاقتصاد حتى العام الماضي كان نقطة توتر رئيسية أخرى إذ أصبح هو وشبكته القوية المتنفذة من المقربين والحلفاء محور معظم انتقادات الحزب.

وأدت المواجهات بين فصيل البيرق وداود أوغلو إلى تسريع رحيل الأخير من منصب رئيس الوزراء عام 2016 وفي السنوات الأخيرة تصادم البيرق مع وزير الداخلية سليمان سويو وكذلك مع وزير العدل عبد الحميد غول.

ويرى الكثيرون في حزب العدالة والتنمية أن البيرق البالغ من العمر 41 عاما أصبح يسبب ضرراً كبيراً في الحزب الحاكم ويشعرون بالاستياء من النفوذ الشامل الذي اكتسبه والذي يتجاوز منصبه كوزير للخزانة والمالية.

وقالت الصحيفة إن نفوذ أردوغان وصل إلى ذروته في عام 2018 عندما عدل نظام الحكم ليلغي دور وصلاحيات رئيس الوزراء ويضع السلطة المركزة في يده كما عكست قبضته على حزب العدالة والتنمية سيطرته على الدولة حيث قال أحد الوزراء السابقين والعضو الحالي في حزب العدالة والتنمية: “لقد فقد الحزب ضوابطه وتوازناته الداخلية.. الآن أصبحت السيطرة في يد رجل واحد”.

وأشارت فايننشال تايمز إلى أن الهزيمة المؤلمة لحزب أردوغان في الانتخابات المحلية هي التي دفعت أخيرا الأعضاء الصامتين للتحرك بعد سنوات من التذمر وراء الكواليس فلأول مرة منذ توليه السلطة في عام 2002 فقد حزب العدالة والتنمية سيطرته على أكبر وأهم مدن البلاد في شهر آذار الماضي حيث عاقبه الناخبون في اسطنبول بسبب الانكماش الاقتصادي الذي أعقب أزمة العملة في العام الماضي وأتت الاتفاقيات بين أحزاب المعارضة بثمارها.

وأتى قرار إعادة الانتخابات البلدية في اسطنبول تحت ضغوط من أردوغان والتي فازت بها المعارضة بنتائج عكسية لتوقعات الأخير حيث حققت المعارضة انتصارا أكبر على حزب العدالة والتنمية وعلق داود أوغلو على نتيجة الانتخابات البلدية وقرار إعادة التصويت بمقال مكون من 4000 كلمة ينتقد فيه الاتجاه الذي اتخذه حزب العدالة والتنمية محذرًا من أنه لا يمكن ترك الحزب والبلاد في أيدي مجموعة ضيقة الآفاق تبحث عن مصلحتها الخاصة وأصبحت عبدة لطموحها.

وبعد شهرين من ذلك استقال باباجان من الحزب الذي شارك في تأسيسه وقال: إن تركيا بحاجة إلى “رؤية جديدة تماما”.

وهدد أردوغان من انشق وينوي الانشقاق عن الحزب قائلا: “لقد رأينا الكثير من الناس ينشقون عنا ويشكلون أحزابا جديدة” مهدداً بأن هؤلاء الذين اتهمهم “بالخيانة” سيدفعون ثمنًا باهظًا.

وأشارت الصحيفة إلى أن أردوغان قد يحاول تغيير مساره في مواجهة هذا التمرد المتزايد وقد يسعى لتأمين فترة حكم أخرى إلا أن بعض المنشقين عن حزب العدالة والتنمية مقتنعون بأنه نظرا لعلاقاته المتوترة مع الغرب والاقتصاد المتعثر وحزبه المتفكك فمن المرجح أنه قد وصل إلى طريق مسدود وأنه بعد حكمه الذي امتد لنحو عقدين من الزمن قد يتفكك حزب العدالة والتنمية بسرعة مدهشة.

وقالت الصحيفة إن أحد أكبر الأسئلة التي تواجه الفصائل المنفصلة عن حزب العدالة والتنمية بقيادة أحمد داود أوغلو وعلي باباجان هو فيما إذا كانا على استعداد للعمل مع أحزاب المعارضة الأخرى أم لا وإذا كانت المعارضة ستقبلهم.

تابعوا آخر الأخبار عبر تطبيق تيلغرام على الهواتف الذكية عبر الرابط:

https://telegram.me/SyrianArabNewsAgency

تابعوا صفحتنا على موقع (VK) للتواصل الاجتماعي على الرابط:

http://vk.com/syrianarabnewsagency 

انظر ايضاً

كاتب بريطاني: اللجوء إلى استخدام القوة والتهديد بها استراتيجية الدول الغربية على مر العقود

لندن-سانا أكد الكاتب في صحيفة فايننشال تايمز البريطانية جانان غانيش أن الغرب وعلى مدى عقود …